نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 196
البشر لا يعجز عنه الأزكياء[1] فالتشمير في طلب ذلك واجب على كل
مكلف و ينبغي أن يكون حاله إذا كان في عبادة فاطلع الناس كلهم عليه لم يزده ذلك
خشوعا و لم يدخله سرور بسبب اطلاعهم عليه و إن داخله سرور يسير بطبع البشرية فيجهد
في رده بكراهة العقل و الإيمان و لا يلتفت قلبه إلى الخلق إلا بخطرات ضعيفة لا تشق
عليه إزالتها فمن علامة الصدق في ذلك أنه لو كان له صاحبان أحدهما غني و الآخر
فقير فلا يجد عند إقبال الغني زيادة هزة[2]
في نفسه لإكرامه إلا إذا كان في الغني زيادة علم أو زيادة ورع فيكون مكرما له بذلك
الوصف لا بالغنى فمن كان استرواحه[3] إلى مشاهدة الأغنياء
أكثر فهو مراء أو طماع و إلا فالنظر إلى الفقراء يزيد في رغبة الآخرة و يحبب إلى
القلب المسكنة و النظر إلى الأغنياء بخلافه فكيف استروح إلى الغني أكثر مما استروح
إلى الفقير و زيادة إكرام الغني إذا كان أقرب إليك إذ كان بينك و بينه حق و صداقة
و سابقة و لكن يكون بحيث لو وجدت تلك العلاقة في فقير لكنت لا تقدم الغني عليه في
إكرام و توقير البتة فإن الفقير أكرم على الله من الغني فإيثارك له لا يكون إلا
طمعا و رياء ثم إذا استويت[4] بينهما في
المجالسة فيخشى عليك أن تظهر الحكمة[5] و الخشوع
للغني أكثر مما تظهره للفقير و إنما ذلك رياء خفي أو طمع خفي كما
و قد صدقت بأن اللسان
ينطلق إلى الغني بما لا ينطلق عند الفقير و كذلك يحضر عنده الخشوع ما لا يحضره عند
الفقير و مكايد النفس و جناياتها في هذا الفن لا تنحصر و لا ينجيك منها إلا بأن
تخرج ما سوى الله عن قلبك و تتجرد للشفقة على بقية عمرك و لا ترضى لها بالنار بسبب
شهوات منغصة[7]