نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 197
في أيام متفاوتة منقضية و تكون في الدنيا كملك من ملوك الدنيا
قد أمكنته الشهوات و ساعدته اللذات و لكن في بدنه سقم هو يخاف الهلاك على نفسه في
كل ساعة لو اتسع في الشهوات و علم أنه لو احتمى و جاهد شهوته عاش و دام ملكه فلما
عرف ذلك جالس الأطباء و حارف الصيادلة[1]
و عود نفسه شرب الأدوية المرة فصبر على بشاعتها و هجر جميع اللذات و صبر على
مفارقتها فبدنه يزداد كل يوم نحولا بقلة أكله و لكن سقمه كل يوم يزداد نقصانا لشدة
احتمائه فمهما نازعته نفسه إلى شهوة تفكر في توالى الآلام و الأوجاع عليه و أداء[2] ذلك إلى
الموت المفرق بينه و بين مملكته الموجب لشماتة الأعداء و مهما اشتد عليه شرب دواء
تفكر فيما يستفيد منه من الشفاء الذي هو سبب التمتع بملكه و نعيمه في عيش هنيء و
بدن صحيح و قلب رخي و أمر نافذ فتخف عليه مهاجرة اللذات فكذلك المؤمن المريد لملك
الآخرة احتمى عن كل مهلك في آخرته و نفى لذات الدنيا و زهرتها فاجتزى منها بالقليل
و اختار النحول و الذبول و الحزن و الخوف خوفا من أن يحل عليه غضب الله فيهلك و
رجاء أن ينجو من عذابه فخف ذلك كله عليه عند شدة يقينه و إيمانه بعاقبة أمره و بما
أعد الله تعالى له من النعيم المقيم في رضوان الله تعالى أبد الآباد ثم علم أن
الله تعالى كريم رحيم لم يزل لعباده الراغبين في مرضاته عونا و بهم رءوفا و عليهم
عطوفا تم كتاب الرياء
بيان ذم الكبر
قد ذم الله الكبر في عدة
مواضع من كتابه و ذم كل جبار متكبر فقال تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ
آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ[3] و قال تعالى وَ مَنْ
يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ[4] و قال تعالى الْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ
الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ
[1] الصيادلة جمع الصيدلى و هو بياع الأدوية و
العقاقير كالصيدلانى.