نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 191
بالذنب فلم يخل قلبه عن محبة ما أحبه الله و هذا ينشأ من قوة
الإيمان بكراهة الله ظهور المعاصي و أثر الصدق فيه أن يكره ظهور الذنب من غيره و
يغتم بسببه. الثالث أن يكره ذم الناس له به من حيث إن ذلك يغمه و يشغل قلبه و عقله
عن طاعة الله فإن الطبع يتأذى بالذم و ينازع العقل و يشتغل عن الطاعة و بهذه العلة
أيضا ينبغي أن يكره الحمد الذي يشغله عن ذكر الله تعالى و يستغرق قلبه و يشغله عن
الذكر و هذا أيضا من قوة الإيمان إذا صدق الرغبة في فراغ القلب لأجل الطاعة من
الإيمان. الرابع مجرد الحياء فإنه نوع ألم وراء ألم الذم و القصد بالشر و هو خلق
كريم يحدث[1] من أول
الصبا مهما أشرف عليه نور العقل فيستحي من القبائح إذا شوهدت منه و هو وصف محمود
فالذي يفسق و لا يبالي
بأن يظهر فسقه للناس جمع إلى الفسق التهتك و الوقاحة و فقد الحياء فهو أشد حالا ممن
يستر و يستحي إلا أن الحياء ممزوج بالرياء و مشتبه به اشتباها عظيما قل من تفطن له
بل الحياء خلق ينبعث من طبع الكريم و الحياء من الله أولى من الحياء من الناس قال
الله تعالى بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. فيجب أن يعلم
أن آفة العبادة الرياء و ما عصى الله بأعظم من الرياء لأنه يتعرض لمقت الله و
العقاب و الخزي الظاهر حيث ينادى عليه يوم القيامة على رءوس الأشهاد يا فاجر يا
غاوي يا مرائي أ ما استحيت إذ اشتريت بطاعة الله عرض الدنيا راقبت قلوب العباد و
استهزأت بطاعة الله و تحببت إلى العباد بالتبغض إلى الله و تزينت لهم بالشين عند
الله و تقربت إليهم بالبعد من الله و طلبت رضاهم بالتعرض لسخط الله أ ما كان أحد
أهون عليك من الله فمهما تفكر العبد في هذا الخزي و قابل ما يحصل له من العباد و
التزين لهم في الدنيا بما يهدم عليه من ثواب أعماله مع أن العمل الواحد ربما كان
يترجح به ميزان