نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 192
حسناته لو خلص لله فإذا فسد بالرياء حول إلى كفة السيئات
فترجح به و يهوي إلى النار فلو لم يكن في الرياء إلا تحويل العمل من الثواب إلى
العقاب لكان ذلك كافيا في معرفة ضرره و قد كان ينال في هذه الحسنة علو الرتبة عند
الله في زمرة النبيين و الصديقين و قد حط عنهم بسبب الرياء و رد إلى زمرة العاصين
هذا مع ما يعرض له في الدنيا من تشتت الهم[1]
بسبب ملاحظة قلوب الخلق فإن رضا الناس غاية لا تدرك فكلما رضي به فريق يسخط به
فريق و رضا بعضهم في سخط بعضهم و من طلب رضاهم في سخط الله سخط الله عليه و أسخطهم
أيضا عليه ثم أي غرض له في مدحهم و إيثار ذم الله لأجل حمدهم و لا يزيده حمدهم
رزقا و لا أجلا و لا ينفعه يوم فقره و فاقته و هو يوم القيامة و أما الطمع لما في
أيديهم فبأن يعلم أن الله تعالى هو الرزاق و عطاؤه خير العطاء و من طمع في الخلق
لم يخل عن الذل و الخيبة و إن وصل إلى المراد لم يخل عن المنة و المهانة فكيف يترك
العاقل ما عند الله برجاء كاذب و وهم فاسد قد يصيب و قد يخطئ و إذا أصاب فلا تفي
لذته بألم منته و مذلته فينبغي أن يقرر في نفسه هذه الأسباب و ضررها و ما يصير
مالها فتفتر رغبته و يقبل على الله بقلبه فإن العاقل لا يرغب فيما يكثر ضرره و يقل
نفعه و يكفيه أن الناس لو علموا ما في باطنه من قصد الرياء و إظهار الإخلاص لمقتوه
و سيكشف الله تعالى عن سره حتى يبغضه إلى الناس و يعرفه أنه مراء ممقوت عند الله و
لو أخلص لله لكشف الله لهم إخلاصه و حببه إليهم و سخرهم له و أطلق ألسنتهم بحمده و
الثناء عليه مع أنه لا كمال مع مدحهم و لا نقصان في ذمهم كما
فمن أحضر في قلبه الآخرة
و نعيمها المؤبد و المنازل الرفيعة عند الله استحقر ما يتعلق بالخلق أيام الحياة
مع ما فيه من الكدورات و المنقضات[2] و جمع همه و
صرف