فيكون الأول فرحا
بالقبول و الثاني فرحا بالستر. و الثالث أن يحمده المطلعون على طاعته فيفرح
بطاعتهم لله في مدحهم و بحبهم للمطيع و بميل قلوبهم إلى الطاعة إذ من أهل الإيمان
من يرى أهل الطاعة فيمقته و يحسده أو يذمه أو يهزأ به و ينسبه إلى الرياء و لا
يحمده عليه فهذا فرح يحسن و علامته الإخلاص في هذا الفرح[1] و أما المذموم فهو أن يكون فرحه
لقيام منزلته عند الناس حتى يمدحوه و يعظموه و يقوموا بقضاء حاجاته و يقابلوه
بالإكرام في مصادره و موارده فهذا مكروه فالرياء أصله حب الدنيا و الرغبة فيها و
نسيان الآخرة و قلة التفكر فيما عند الله و قلة التأمل في آفات الحياة الدنيا و
عظيم نعيم الآخرة و أصل ذلك كله حب الدنيا و غلبة الشهوات فهو رأس كل خطيئة و منبع
كل ذنب لأن العبادة إذا كانت خالصة لله كانت عارية من كل شوب لا يريد بها إلا ثواب
الله و الدار الآخرة و الرياء ضد ذلك بميل الإنسان إلى حب الجاه و المنزلة في قلوب
الناس و الرغبة في نعيم الدنيا و هذا هو الذي يعطب القلب و يحول بينه و بين التفكر
في العاقبة و الاستضاءة بنور العلوم الربانية فإن قيل فمن صادق[2] من نفسه كراهة الرياء و حملته
الكراهة على الإباء و لكنه مع ذلك غير خال عن ميل الطبع إليه و حبه له و منازعته[3] إياه إلا
أنه كاره لحبه و لميله غير مجيب نفسه إليه فهل يكون في زمرة المراءين اعلم أن الله
تعالى لم يكلف العبد إلا ما يطيق و ليس في طاقة العبد منع الشيطان عن نزغاته[4] و لا قمع
الطمع حتى لا يميل إلى الشهوات و لا ينازع إليها و إنما