ويحك أيها المغرور احتجاجك بمال عبد الرحمن بن عوف مكيدة من الشيطان و من الذي يسلم لك أن مال عبد الرحمن كان صالحا مشكورا عليه بلغني
أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّا لَنَخَافُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيمَا تَرَكَهُ فَقَالَ كَعْبٌ وَ مَا تَخَافُونَ عَلَيْهِ كَسَبَ طَيِّباً وَ أَنْفَقَ طَيِّباً وَ تَرَكَ طَيِّباً فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَخَرَجَ مُغْضَباً يُرِيدُ كَعْباً فَمَرَّ بِلِحْيَيْ[1] عَظْمِ بَعِيرٍ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَطْلُبُ كَعْباً فَقِيلَ لِكَعْبٍ إِنَّ أَبَا ذَرٍّ يَطْلُبُكَ فَخَرَجَ هَارِباً حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ يَسْتَغِيثُ بِهِ وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَأَقْبَلَ أَبُو ذَرٍّ يَقْتَصُّ الْأَثَرَ فِي طَلَبِ كَعْبٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارِ عُثْمَانَ فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ كَعْبٌ فَجَلَسَ خَلْفَ عُثْمَانَ هَارِباً مِنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ هِيهِ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمَا تَرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص نَحْوَ أُحُدٍ وَ أَنَا مَعَهُ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[2] إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَ هَكَذَا عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ قُدَّامِهِ وَ خَلْفِهِ وَ قَلِيلٌ ما هُمْ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي قَالَ وَ مَا سَرَّنِي أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ وَ لَا أَتْرُكُ مِنْهُ قِيرَاطَيْنِ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَنْتَ تُرِيدُ الْأَكْثَرَ وَ أَنَا أُرِيدُ الْأَقَلَّ فَرَسُولُ اللَّهِ ص يُرِيدُ هَذَا وَ أَنْتَ تَقُولُ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ لَا بَأْسَ بِمَا تَرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَذَبْتَ وَ كَذَبَ مَنْ قَالَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَرْفاً حَتَّى خَرَجَ وَ مَتَى زَعَمْتَ أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ الْحَلَالِ أَفْضَلُ وَ أَعْلَى مِنْ تَرْكِهِ فَقَدْ أَزْرَيْتَ[3] بِمُحَمَّدٍ ص وَ الْمُرْسَلِينَ وَ نَسَبْتَهُمْ إِلَى قِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي الزُّهْدِ وَ مَتَى زَعَمْتَ أَنَّ جَمْعَ الْمَالِ الْحَلَالِ أَعْلَى مِنْ تَرْكِهِ فَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ يَنْصَحِ الْأُمَّةَ إِذْ نَهَاهُمْ عَنْ جَمْعِ الْمَالِ[4] كَذَبْتَ وَ رَبِّ السَّمَاءِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص لَقَدْ كَانَ لِلْأُمَّةِ نَاصِحاً وَ عَلَيْهِمْ مُشْفِقاً وَ بِهِمْ رَءُوفاً.
[1] في بعض النسخ[ فمر بألخى عظم بعير] و الالخى كما في صحاح الجوهريّ: المعوج.
[2] معناه أن الأغنياء في الدنيا فقراء في الآخرة.
[3] أزرى به و أزراه: عابه و وضع من حقه.
[4] بعض النسخ[ و قد علم ان جمع المال خير للامة فقد غشهم بزعمك حين نهاهم عن جمع المال]