اعلم أن السخاء و البخل
كل واحد ينقسم إلى درجات فأرفع درجات السخاء الإيثار و هو أن يجود بالمال مع
الحاجة إليه. و أما السخاء عبارة عن بذل ما لا يحتاج إليه لمحتاج أو لغير محتاج و
البذل مع الحاجة أشد و كما أن السخاوة قد تنتهي إلى أن يسخو على غيره مع الاحتياج
فالبخل قد ينتهي إلى أن يبخل على نفسه مع الحاجة فكم من بخيل يمسك المال و يمرض
فلا يتداوى ثم يشتهي الشهوة[1] فلا يمنعه
منها إلا البخل بالثمن و لو وجده مجانا لأكله فهذا يبخل على نفسه مع الحاجة و ذلك
يؤثر على نفسه مع أن له حاجة إلى ذلك فانظر ما بين الرجلين فإن الأخلاق عطايا
يضعها الله حيث يشاء و ليس بعد الإيثار درجة في السخاء و قد أثنى الله تعالى على
المؤثرين فقال وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ
خَصاصَةٌ[2]-.