يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى الطَّعَامِ كَأَنَّهُ يَأْكُلُ حَتَّى أَكَلَ الضَّيْفُ الطَّعَامَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمْ بِضَيْفِكُمْ وَ نَزَلَتْ وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
فالسخاء خلق من أخلاق الله تعالى و الإيثار أعلى درجات السخاء و كان ذلك من دأب رسول الله ص حتى سماه الله عظيما فقال وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مُوسَى ع يَا رَبِّ أَرِنِي دَرَجَاتِ مُحَمَّدٍ وَ أُمَّتِهِ قَالَ يَا مُوسَى إِنَّكَ لَنْ تُطِيقَ ذَلِكَ وَ لَكِنْ أُرِيكَ مَنْزِلَةً مِنْ مَنَازِلِهِ جَلِيلَةً عَظِيمَةً فَضَّلْتُهُ بِهَا عَلَيْكَ وَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي قَالَ فَكَشَفَ لَهُ عَنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَى مَنْزِلِهِ كَادَتْ تَتْلَفُ نَفْسُهُ مِنْ أَنْوَارِهَا وَ قُرْبِهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ يَا رَبِّ بِمَا ذَا بَلَّغْتَهُ إِلَى هَذِهِ الْكَرَامَةِ قَالَ بِخُلُقٍ اخْتَصَصْتُهُ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ وَ هُوَ الْإِيثَارُ يَا مُوسَى لَا يَأْتِينِي أَحَدٌ مِنْهُمْ قَدْ عَمِلَ بِهِ وَقْتاً مِنْ عُمُرٍ إِلَّا اسْتَحْيَيْتُ مِنْ مُحَاسَبَتِهِ وَ بَوَّأْتُهُ مِنْ جَنَّتِي حَيْثُ يَشَاءُ
وَ قِيلَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى ضَيْعَةٍ لَهُ فَنَزَلَ عَلَى نَخِيلِ قَوْمٍ وَ فِيهَا غُلَامٌ أَسْوَدُ يَعْمَلُ فِيهَا إِذْ أَتَى الْغُلَامُ بِقُوتِهِ وَ دَخَلَ الْحَائِطَ كَلْبٌ فَدَنَا مِنَ الْغُلَامِ فَرَمَى إِلَيْهِ الْغُلَامُ بِقُرْصٍ فَأَكَلَهُ ثُمَّ رَمَى إِلَيْهِ بِالثَّانِي وَ الثَّالِثِ فَأَكَلَهُ وَ عَبْدُ اللَّهِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا غُلَامُ كَمْ قُوتُكَ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ مَا رَأَيْتَ قَالَ فَلِمَ آثَرْتَ هَذَا الْكَلْبَ قَالَ مَا هِيَ بِأَرْضِ كِلَابٍ وَ يُوشِكُ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ جَائِعاً فَكَرِهْتُ رَدَّهُ قَالَ فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ الْيَوْمَ قَالَ أَطْوِي[1] يَوْمِي هَذَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أُلَامُ عَلَى السَّخَاءِ إِنَّ هَذَا لَأَسْخَى مِنِّي فَاشْتَرَى الْحَائِطَ وَ الْغُلَامَ وَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَثَاثِ فَأَعْتَقَ الْغُلَامَ وَ وَهَبَهُ لَهُ.
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ أُهْدِي إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص بِرَأْسِ شَاةٍ فَقَالَ إِنَّ أَخِي كَانَ أَحْوَجَ مِنِّي إِلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَثُ بِهِ الْوَاحِدُ إِلَى الْآخَرِ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ سَبْعَةُ أَبْيَاتٍ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ
وَ بَاتَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ إِنِّي آخَيْتُ بَيْنَكُمَا وَ جَعَلْتُ عُمُرَ الْوَاحِدِ مِنْكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ الْآخَرِ فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ
[1] طوى يطوى طوى بفتحتين من باب علم: جاع[ فهو طاو و طيان].