نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 95
21- طلبك منه اتّهام له، و طلبك له غيبة
منك عنه، و طلبك لغيره لقلّة حيائك منه، و طلبك من غيره لوجود بعدك منه[1].
قلت: طلبك منه يكون بالتضرع و الابتهال، و طلبك له يكون بالبحث و
الاستدلال، و طلبك لغيره يكون بالتعرف و الإقبال، و طلبك من غيره يكون بالتملق و
السؤال، و حاصلها أربعة: طلب الحق و منه طلب الباطل و كلها مدخولة عند المحققين،
أما طلبك منه فلوجود تهمتك له لأنك إنما طلبته مخافة أن يهملك أو يغفل عنك فإنما
ينبه من يجوز منه الإغفاء، و إنما يذكر من يمكن منه الإهمال
وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
[البقرة: 74]، أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ
[الزمر: 36]، و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته
أفضل ما أعطي السائلين[2]»، فالسكون
تحت مجاري الأقدار أفضل عند العارفين من التضرع و الابتهال. و كان شيخ شيوخنا
مولاي العربي رضي اللّه تعالى عنه يقول: الفقير الصادق لم تبق له حالة يطلبها، و
إن كان و لا بد من الطلب فليطلب المعرفة انتهى. قلت: و إذا ورد منهم الدعاء فإنما
هو عبودية و حكمة لا طلبا للقسمة، إذ ما قسم لك واصل إليك، و لو سألته أن يمنعكه
ما أجابك. و في المسألة خلاف بين الصوفية هل السكوت أولى أو الدعاء، و التحقيق أن
ينظر ما يتجلى فيه و ينشرح له الصدر فهو المراد منه، و أما طلبك له، فهو دليل على
غيبتك عنه بوجود نفسك، فلو حضر قلبك، و غبت عن نفسك و وهمك لما وجدت غيره: