نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 508
و ببابك أناخ التائبون انتهى، اللهم إنا قد
وقفنا ببابك فلا تطردنا، و نحن انتسبنا لجنابك فلا تحرمنا يا أرحم الراحمين. ثم من
فرح بالباقي و أعرض عن الفاني تشرق عليه الأنوار، و تلوح له الأسرار، كما أبان ذلك
بقوله:
272- قد أشرق نوره و ظهرت تباشيره.
قلت: قد أشرق نوره بحلاوة الزهد في الدنيا و الإقبال على المولى، لأن
حب الدنيا ظلمة، فإذا خرج من القلب دخله النور، و هو حلاوة الزهد، و راحة القناعة،
و برد الرضا، و نسيم التسليم، و ظهرت تباشيره: أي مبشرات تبشره بالإقبال، و روح
الوصال، و جنة المعارف و الجمال، و أنشدوا:
إذا
هبت علينا من حماكم
نسيمات
تذكّرنا الوصالا
مبشرة
بإقبال و سعد
و
عزّ دائم دهرا طويلا
مبلغة
شذا تلك المعاني
مذكّرة
رباها و الطلولا
فذلك
خير وقت بالمعنّى
و
أحسن ما تعاطى السلسبيلا
فحين أشرق نوره و ظهرت تباشيره أعرض عن الدنيا بالكلية، كما أبان ذلك
بقوله:
273- فصدف عن هذه الدار مغضيا، و أعرض عنها مولّيا.
قلت: الصدوف هو الإعراض و التولي: أي فأعرض هذا السائر إلى اللّه عن
الدنيا بحذافيرها مغضيا بصره: أي مغمضا عيني بصيرته عن النظر إلى زهرة هذه الدار و
بهجتها ممتثلا في ذلك قول المولى لرسوله المصطفى:
وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ [طه: 131] أي: أصنافا من الكفار.
زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
[طه: 131]، و أعرض عن هذا قلبا و قالبا، موليا ظهره عنها، مقبلا بوجهه إلى المولى.
قال الشطيبي: و اعلم أن الإعراض عن الدنيا إنما هو بالقلب، و متى كان القلب معلقا
بها لم ينفع زوالها من اليد و لا قطع أسبابها، بل المطلوب زوالها من القلب سواء
كانت في اليد أو لم تكن، قال تعالى لمن أعطاه ملك الأرض بحذافيرها سليمان 7: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 508