نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 509
بِغَيْرِ حِسابٍ، و
قال فيه أيضا: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
[ص: 30]، و قال تعالى لمن نزعها منه بحذافيرها سيدنا أيوب 7: وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً
[ص: 43]، ثم قال: إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص: 44]. لكن من علامة حب الآخرة ترك الدنيا، و
علامة تركها ألا يفرح بالموجود منها و لا يتأسف على ما فاته منها، و لا يمكن ذلك
إلا بترك الانتصار للنفس و مخالفتها، و أنشدوا:
يا
نفس في التقريب كل مذلة
فتجرعي
ذلّ الهوى بهوان
و
إذا حللت بدار قوم دارهم
فلهم
عليك تعزز الأوطان
و سئل الشيخ أبو محمد عبد القادر الجيلاني رضي اللّه تعالى عنه عن
الدنيا؟ فقال: أخرجها من قلبك و اجعلها في يدك، فإنها لا تضرك. و قال الحضرمي رضي
اللّه تعالى عنه: ليس الرجل الذي يعرف كيفية تفريق الدنيا فيفرقها، إنما الرجل
الذي يعرف كيفية إمساكها فيمسكها. قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه: لأنها
كالحية، و ليس الشأن في قتل الحية، إنما الشأن في إمساكها حية انتهى. و قد يقصد
بترك الدنيا ما هو أعظم من الدنيا كحب الجاه و الرياسة و غير ذلك من الحظوظ، و
لذلك قيل: من أراد أن يكون منه شيء فلا يأتي منه شيء، لأنه عبد لإرادته و عامل
لحظ نفسه، فإذا انقطعت عنه الحظوظ النفسية و الشهوات الدنيوية صح قصده إلى اللّه،
و انفرد قلبه بالتوجه لمولاه.
قلت: و لأبي الأنوار التطواني قصيدة في هذا المعنى قال في بعضها:
و
من كان قصده في نيل ما
يريد
فما قام بالحجة
و
اصل طريقنا و ارفض العلل
مع
الصبر و ارفع للهمة
و
حسب المحب مشاهدة
يقينا
لم يبدو من حضرة
و
فهمك عنه جدير بأن
يعوضك
المنع بالمنحة
و أبو الأنوار هذا تلميذ أبي المحاسن سيدي يوسف الفاسي، و قبره
بتطوان بالمصلى القديمة لناحية القصبة، نفعنا اللّه بذكره.
ثم إن من أعرض عن الدنيا لا وطن له فيها، و إنما وطنه عند مولاه، كما
بين ذلك بقوله:
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 509