responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 507

أين الملوك و أبناء الملوك و من‌

كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا

كأنهم قطّ ما كانوا و لا خلقوا

و مات ذكرهم بين الوري و نسوا

حطوا الملابس لما ألبسوا حللا

من التراب على أجسادهم و كسوا

قال مالك بن دينار: مررت بمقبرة فوجدت بهلول المجنون قاعدا بين القبور و هو عريان إلا ما يستر العورة، فأتيت نحوه لأستفيد من طرائفه، فوجدته تارة ينظر إلى السماء فيستهل، و تارة ينظر إلى الأرض فيعتبر، و تارة ينظر عن يمينه فيضحك، و تارة ينظر عن شماله فيبكي، فسلمت عليه فرد علي السلام، فسألته عما رأيت من حاله؟ فقال: يا مالك أرفع رأسي إلى السماء فأذكر قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ‌ [الذريات: 22] فأستهل، و أنظر إلى الأرض فأذكر قوله تعالى: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى‌ [طه: 55] فأعتبر، و أنظر عن يميني فأذكر قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ‌ [الواقعة: 27]، فأضحك، و أنظر عن شمالي فأذكر قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ‌ [الواقعة: 41] فأبكى. فقلت: يا بهلول إنك لحكيم، أتأذن لي أن أشتري لك قميصا قطنا؟ قال: افعل، فسارعت للسوق و أتيته بقميص قطن، فنظر إليه و قلبه يمينا و شمالا و رمى به إليّ و قال: ليس مثل هذا أريد. قلت: و كيف تريده؟ قال: أريد قميصا من الإخلاص محفوظا من الدنس و الانتقاص، غرس قطنه بالحقائق، و حرس من جميع البوائق، سقاه جبريل بماء السلسبيل فأينع حسنا و أثمر قطنا، فلقطته أيدي الكرام البررة، التالين سورة الحمد و البقرة، ثم حلجته أكف الوفاء بعز و صفاء من غير جفاء، ثم نحلته الأوتار المتصلة بالأنوار، و غزلته مغازل الحمد و الثناء بالمحبة و الاعتناء، جعلت الجنة لناسجه ثوابا، و كان هو للابسه من النار حجابا، فهل تقدر يا مالك على مثل هذا؟ فقلت: إنما يقدر عليه من خصك بوصفه، و ألهمك لمعاينته و كشفه، ثم قلت: يا بهلول صف لي لألبس هذا القميص، فقال: نعم إنما يلبسه من خصه اللّه بأنواره، و كتبه في ديوان أبراره، و أحياه بالسابقة، و قواه بالعزيمة الصادقة، فجسمه بين الخلق يسعى، و قلبه في الملكوت يرعى، فلا يتكلم بغير ذكر اللّه لفظة، و لا ينظر لغير اللّه لحظة، ثم صاح صحية عظيمة و قام و هو يقول: إليك فر الهاربون، و نحوك قصد الطالبون،

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست