نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 421
فيها حق جديد من ذكر أو فكرة أو نظرة أو من
مراقبة أو مشاهدة أو من خدمة حسية أو معنوية:
قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ [البقرة: 60]، و أمر
أكيد من التحقيق بالعبودية و القيام بوظائف الربوبية، فإن غفلت عن الحق الجديد أو
الأمر الأكيد في وقت ما و دخل الوقت الثاني، فقد فاتك القضاء و ندمت على ما مضى،
فكيف يمكن أن تقضي في الوقت الثاني حق غيره، و هو أيضا له حق يجب عليك أن تؤديه فيه؟
فلا يمكنك أن تقضي حق الوقت الأول في الوقت الثاني و أنت لم تقض حق اللّه فيه أي
في الوقت الثاني. و الحاصل: أن كل وقت له حق، فإن فات فلا قضاء له، و لذلك قالوا
في الآداب: التصوف هو ضبط الأنفاس، و حفظ الحواس، و الأنفاس هي دقائق الساعات، و
ضبطها: هي عمارتها بأنواع الطاعات، فإذا ضيع حقوق الساعات خرج عن أدب التصوف، و
اللّه تعالى أعلم. قال الشيخ أبو العباس رضي اللّه تعالى عنه: أوقات العبد أربعة
لا خامس لها: نعمة أو بلية، طاعة أو معصية، و له على عبده في كل وقت منها حق، ففي
النعمة الشكر، و في البلية الصبر، و في الطاعة شهود المنة، و في المعصية اللجأ و
الإنابة و طلب الإقالة بالمعنى، و في هذا المعنى قال عليه الصلاة و السلام: «من
أعطي فشكر، و ابتلي فصبر، و ظلم فغفر، و أذنب فاستغفر، ثم سكت صلى اللّه عليه و
آله و سلم فقالوا:
ما له يا رسول اللّه؟ قال: أولئك لهم الأمن و هم مهتدون[1]»، أي لهم الأمن يوم القيامة، و هم
مهتدون في الدنيا، و قيل: لهم الأمن في الدارين و هم مهتدون إلى حضرته في الكونين.
و اعلم أن القيام بحقوق الأوقات على التمام يكاد أن يكون متعذرا في حق البشر قال
تعالى: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
[الأنعام: 91]، أي ما عبدوه حق عبادته، و ما عرفوه حق معرفته، فلهذا كانت حقوق
الأوقات لا يمكن قضاؤها، لأنها راجعة لحفظ الأنفاس و الخطرات، و قد أعيى الرجال
حفظها في حال الصلاة، فكيف في كل وقت؟ لكن قد
يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ [البقرة: 105]. قال بعضهم:
منذ عشرين سنة ما خطر على قلبي شيء سوى اللّه تعالى. و قال الشيخ أبو الحسن: من
أحب اللّه لم يستعمل جوارحه إلا فيما يوافق محبوبه، و أنفاسه
[1] - رواه ابن قانع في معجم الصحابة( 1/ 321)، و
الحكيم في النوادر( 4/ 209)، و ذكره المنذري في الترغيب و الترهيب( 4/ 140)، و
الهيثمي في المجمع( 10/ 284).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 421