responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 422

كلها محفوظة بالطاعة، و لو حيل بينه و بين الخدمة لفارق الدنيا من ساعته، لأن الطاعة قد صارت غذاء أرواحهم، فإن فارقوها ماتوا، نفعنا اللّه بهم آمين. ثم في تضييع حقوق الأوقات تضييع العمر الذي هو أعز من الكبريت الأحمر، و هو الذي نبه عليه بقوله:

209- ما فات من عمرك لا عوض له، و ما حصل لك منه لا قيمة له.

قلت: عمر المؤمن هو رأس ماله، فيه ربحه و خسرانه، فمن شدّيده عليه كان من الفائزين، و من ضيعه في البطالة و التقصير كان من الخاسرين، فما فات منه في غير طاعة به لا عوض له، إذ ما ذهب لا يرجع أبدا، و ما حصل لك منه لا قيمة له تفي بقدره، إذ لو اشتريت ساعة منه بمل‌ء الأرض ذهبا لكان نزرا في حقه، لأن ساعة منه تذكر اللّه فيها تنال بذلك ملكا كبيرا و نعيما مقيما، لو بيعت الدنيا بحذافيرها ما بلغت منه عشر العشر، و لأجل هذا المعنى اشتدت محافظة السلف الصالح على الأوقات، و بذلوا مجهودهم في اغتنام الساعات، و لم يقنعوا من أنفسهم إلا بالجد و التشمير، و لم يسمحوا لها في الراحة و البطالة بقليل و لا كثير. و في الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «لا تأتي على العبد ساعة لا يذكر اللّه فيها إلا كانت عليه حسرة يوم القيامة[1]»، و قال علي كرم اللّه وجهه: بقية عمر العبد ما لها ثمن يدرك بها ما فات، و يحيي بها ما مات. و قال الجنيد رضي اللّه تعالى عنه: الوقت إذا فات لا يستدرك، و ليس شي‌ء أعز من الوقت، و في معناه قيل:

السباق السباق قولا و فعلا

حذّر النفس حسرة المسبوق‌

و قال الحسن البصري رضي اللّه تعالى عنه: أدركت أقواما كانوا على أنفاسهم و أوقاتهم أشد حفظا و أحرص شفقة منكم على دنانيركم و دراهمكم، كما لا يخرج أحدكم درهمه و لا ديناره إلا في ورود منفعة و استجلاب فائدة، كذلك كانوا لا يضيعون نفسا من أنفاسهم في غير طاعة أبدا. كان سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه يقول لفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه‌


[1] - رواه أبو نعيم في الحلية( 4/ 44).

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست