نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 419
معروفه، و صار كل ما يبرز من عند مولاه
تلقاه بالقبول، فإن طال بالمريد السفر، و تأخر عنه الفتح و الظفر، فلم يدرك هذه
الأسرار، و لم يكشف له عن تلك الأنوار، فلا يستبطئ من ربه النوال، فإنه جوّاد
كريم، و لكن يستبطئ منه وجود الإقبال، و إلى ذلك أشار بقوله:
207- لا تستبطىء النّوال، و لكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال.
قلت: الحق سبحانه جوّاد كريم حليم رحيم: «من تقرّب إليه شبرا تقرّب
منه ذراعا، و من تقرّب منه ذراعا تقرّب منه باعا، و من أتاه يمشي أتاه هرولة[1]»، كما في الحديث، فإن توجهت إليه
بقلبك ثم تأخر الفتح من قبله فلا تستبطىء منه النوال: أي العطاء، و هو كشف
الحجاب، و لكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال، فلعل إقبالك عليه لم يكن بكليتك، فإن
اللّه سبحانه يقول بلسان الحال: «و ليس يدرك وصالي كل من فيه بقية، أو كان بحرف أو
خط»، و أما لو زالت أغيارك لأشرقت أنوارك، و لو تطهرت من جنابة الغفلة لاستحققت
الدخول إلى مسجد الحضرة، و قد يكمل إقبالك و يفوتك الأدب مع سيدك، و هو استبطاؤك
النوال، و لو صح منك الإقبال». قال بعضهم: هب أن السيد الكريم أهل لكل فضل و كرم،
أفترى العبد يقلل الأدب بين يدي سيده، و يكشف جلباب الحياء عن وجهه؟ فإن فعل ذلك
فهو بالعقوبة أولى من الكرم، و قد قال أرباب المعرفة: لأن تكون صاحب استقامة خير
من أن تكون صاحب كرامة انتهى، و من باع نفسه للّه و كان عبدا مملوكا لمولاه، فأي
شيء يستحق على مولاه؟.
حكي عن ذي النون المصري رضي اللّه تعالى عنه: أنه رأى رجلا قد اشترى
دارا و أراد أن يكتب عقدها، فقال له ذو النون: يا أخي إن قبلت وصيتي أوصيتك، فقال:
نعم، قل يا سيدي، فقال له: لا تشتر دارا تفنى و تدع دارا تبقى، فقال له: من لي
بها؟ فقال: هلا اشتريت من اللّه دارا دار السلام، و مجاورة الكرام، لتنال فيها
الأمان، و تتنعم بنعيم لا يدرك بالأثمان؟ دار لها أربع حدود: الأول: منازل
الخائفين، الثاني: منازل العارفين، و الثالث: منازل المشتاقين،