responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 418

أنواعه كما قالوا في جمع العالمين. يقول رضي اللّه تعالى عنه: فرغ قلبك أيها الفقير من الأغيار، و هو ما سوى اللّه، بحيث لا يتعلق قلبك بشي‌ء من الكون علويّا، أو سفليّا، دنيويّا، أو أخرويّا حسيّا أو معنويّا، كحب الخصوصية و غيرها من الحظوظ، فإذا رحل قلبك من هذا العالم بالكلية و لم يبق فيه إلا محبة مولاه، فإنه يملأه بالمعارف، بحيث يكشف عنك حجاب الوهم، و يذهب عنك ظلمة الحس، فتشاهد الأشياء كلها أنوارا ملكوتية مشاهدة ذوقية تمكينية، و يملأه أيضا بالأسرار، و هي أسرار الجبروت، فتغيب بالجمع عن الفرق، و بشهود الجبروت عن شهود الملكوت، و تكاشف بأسرار القدر فيهب عليك نسيم برد الرضا و التسليم، و أنت في حضرة النعيم المقيم عند الملك الكريم، فالأسرار على هذا أبلغ من المعارف، فالمعارف أنوار الملكوت، و الأسرار أنوار الجبروت، لأن السائر قد يكشف له عن نور الملكوت، فيشهد الكون كله نورا لكنه مفتقر إلى تلك الأنوار ليترقى بها إلى التمكين في شهود الذات، كافتقار القارئ إلى النظر في الرسوم، فإذا حفظ القارئ المعنى و تمكن منه محا الرسوم و لم يفتقر إليها، كذلك السالك يكشف له أولا عن نور الكون فيغيب في النور عن ظلمة الحس، ثم لا يزال في السير حتى يقبض المعنى و يتمكن منه، فلا يحتاج إلى مشاهدة، فيستغني عن نور الملكوت بنور الجبروت، و قد تقدم هذا المعنى عند قول المؤلف: (اهتدى الراحلون ...) الخ الحكمة، فيمتحى السوى عن عين قلبه بالكلية، و يغيب عن نفسه و حسه بشهود الأحدية، و للّه در قول الشاعر:

إن تلاشى الكون عن عين قلبي‌

شاهد السرّ غيبه في بيان‌

فاطرح الكون عن عيانك و امح‌

نقطة الغين إن أردت تراني‌

و يحتمل أن يريد بالمعارف علوم العرفان، و بالأسرار الأذواق و الوجدان، فتكون المعارف هي علوم المعرفة، بحيث يعرف في كل شي‌ء، و لا ينكر شيئا، و الأسرار أذواق تلك العلوم، فإن المعرفة تكون أولا علما و آخرا ذوقا، و يحتمل أن يكون من عطف التفسير فتكون الأسرار هي المعارف، و اللّه تعالى أعلم. و من أراد سرعة السير إلى هذا المقام فليفرغ قلبه، و ينظفه على التمام، فبقدر التخلية تكون التحلية، و بقدر التصفية تكون الترقية. و لأجل هذا نهوا السائر عن التزوج و عن التعلق بالأسباب، إذ لا يخلو من علقة، فإذا تمكن من المعنى لم يبق له مراد إلا مراد

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست