نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 417
لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين
السماء و الأرض. و أما الأنوار التي أذن لها في الدخول فهي خاصة بالخواص أهل
التفرغ من الأغيار و لوث الأنوار، فأما من كان قلبه محشوّا بصور آثارها، فلا يطمع
في نيل أسرارها، كما أبان ذلك بقوله:
205- ربّما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوّا بصور الآثار،
فارتحلت من حيث جاءت.
قلت: ربّ هنا للتكثير: أي كثيرا ما ترد عليك أنوار عالم الغيب لتغيبك
عن عالم الشهادة، فتجد قلبك محشوّا بصور عالم الشهادة، فترحل عنك و تتركك محبوسا
في يدها. أو تقول: كثيرا ما ترد عليك أنوار المعاني لتخرجك من سجن الأواني، فتجد
قلبك مملوءا بها فتتركك في وسطها محجوبا بها. أو تقول: كثيرا ما ترد عليك أنوار
الملكوت، فتجد قلبك محشوّا بظلمة الملك، فتتركك في ظلمة الكون. أو تقول: قد ترد
عليك أنوار الجبروت، فتجد قلبك محشوّا بأنوار الملكوت، فرحا بها قانعا ببهجتها،
فتتركك واقفا معها، و تنادي عليك: القناعة من اللّه حرمان الذي تطلب أمامك، و لو
كان العلم ينتهي إلى حد محدود لم يقل اللّه تعالى لسيد العارفين: وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً
[طه: 114]، قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «كلّ يوم لا أزداد فيه علما لا بورك
لي في طلوع شمس ذلك اليوم[1]»، أو كما
قال صلى اللّه عليه و آله و سلم. فالمانع للقلب من دخول الأنوار هو وجود الأغيار،
كما أشار إلى ذلك بقوله:
206- فرّغ قلبك من الأغيار تملأه بالمعارف و الأسرار.
قلت: التفرغ هو الخلو من الشيء و التنظيف منه، و الأغيار: جمع غير
بكسر الغين و فتح الياء، و يصح أن يكون بفتح الغين و سكون الياء و هو أليق، و
المراد به حينئذ السوى، و إنما جمعه لتعدد
[1] - رواه إسحاق بن راهوية في مسنده( 2/ 553)، و أبو
نعيم في الحلية( 8/ 188)، و الديلمي( 1/ 318)، و الخطيب في التاريخ( 6/ 100)، و
ابن عدي في الكامل( 2/ 79)، و ابن حبان في المجروحين( 1/ 335) و ذكره الحافظ في
اللسان( 3/ 78)، و المناوي في فيضه( 1/ 240).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 417