نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 310
و الحاصل: أن صحبة من يوصل إلى اللّه فما هي
إلا صحبة اللّه، إذ ما ثم سواه، و النظر إلى العارف باللّه، فإنما هو نظر إلى
اللّه، إذ لم تبق فيه بقية عليه لغير اللّه، فصار نورا محضا من نور اللّه، و فيهم قال
صلى اللّه عليه و آله و سلم: «إن للّه رجالا من نظر إليهم سعد سعادة لا يشقى بعدها
أبدا» انتهى. و هم موجودون لا ينقطعون أبدا، ظاهرون ظهور الشمس لا يخفون إلا على
من أراد اللّه منه طردا و بعدا، و العياذ باللّه من السلب بعد العطاء، و من سوء
القضاء، و شماتة الأعداء، و عضال الداء، و خيبة الرجاء، و زوال النعمة، و فجأة
النقمة، آمين، ثم فائدة صحبة العارفين، و هى حصول اليقين، كما أشار إليه بقوله:
136- لو أشرق لك نور اليقين لرأيت الآخرة أقرب إليك من أن ترحل
إليها، و لرأيت محاسن الدنيا قد ظهرت كسفة الفناء عليها.
قلت: اليقين هو العلم الذي لا يزاحمه و هم، و لا يخالطه ريب، و لا
يصحبه اضطراب مشتقّ من يقن الماء، إذا حبس و لم يجر، شبه به العلم إذا صحبته
الطمأنينة، و لم يبق للقلب فيه تحرك و لا اضطراب، و إشراق نوره هو ظهور أثره على
الجوارح، فيظهر فيها الزهد في الدنيا و الرغبة في الآخرة، و يظهر منه الانحياش إلى
اللّه، و الاشتياق إلى حضرة جماله، و السكون و الخضوع تحت قهر جلاله، و المسارعة
إلى ابتغاء مرضاته، و المبادرة إلى مظان محابه، و لهج اللسان بذكره، و شغل القلب
بالفكرة في عظمته، و هيمان الروح في حضرة قربه، و سكرها من شراب حبه، و اغتمارها
بشهود قربه، فهذه علامة إشراق نور اليقين في القلب، و من علامته أيضا أن يصير
الآجل عاجلا، و البعيد حاصلا، و الغيب شهادة:
إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
[الأنعام: 134]، و لنا في هذا المعنى:
فلا
ترضى بغير اللّه حبّا
و
كن أبدا بعشق و اشتياق
ترى
الأمر المغّيب ذا عيان
و
تحظى بالوصال و بالتلاقى
كنت ذيلت بهما قول القائل:
فلا
دهش و حامى الحي حيّ
و
لا عطش و ساقي القوم باقى
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 310