responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 311

فما الدنيا بباقية لحيّ‌

و ما حيّ على الدنيا بباقى‌

فلو أشرق نور اليقين في قلبك لرأيت الآخرة الآتية حاضرة لديك، أقرب إليك من أن ترحل إليها، إذ هي الراحلة إليك و المدركة لك، و لرأيت محاسن الدنيا الوهمية الفانية، قد ظهرت كسفة الفناء عليها، أي قد انكسف نور وجودها بظهور ظلمة فنائها، فصار ما كان ظاهرا باطنا، و ما كان باطنا صار ظاهرا، و ما كان كثيفا صار لطيفا، و ما كان لطيفا صار كثيفا، و ما كان غيبا صار شهادة، و ما صار شهادة صار غيبا، و إنما بعد ذلك عن الخلق ضعف إيمانهم و قلة نور إيقانهم، و لو أشرق نور اليقين في قلوبهم، لرأوا الدنيا مكسوفة أنوارها، بادية عوارها، كما رآها حارثة رضي اللّه تعالى عنه حين أخبر عن حقيقة إيمانه، فقد روي عن أنس رضي اللّه تعالى عنه قال: بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يمشي إذ استقبله شابّ من الأنصار، فقال له النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم: «كيف أصبحت يا حارثة؟ قال:

أصحبت مؤمنا باللّه حقّا، فقال له: انظر ما تقول، فإن لكل قول حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟

فقال: يا رسول اللّه عزفت نفسي عن الدنيا» أي أدبرت و هربت «فأسهرت ليلى، و أظمأت نهاري، فكأني بعرش ربي بارزا، و كأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، و كأني أنظر إلى أهل النار يتعاوون فيها، فقال له: «أبصرت فالزم، عبد نوّر اللّه الإيمان في قلبه»، قال يا رسول اللّه ادع اللّه لي بالشهادة، فدعا له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فقتل يوم بدر شهيدا، فجاءت أمه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فقالت: يا رسول اللّه قد علمت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر، و إن لم يكن في الجنة تر ما أصنع، فقال: أو هبلت؟

أجنة هي؟ إنها جنان، و إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى، فرجعت تضحك و تقول: بخ بخ يا حارثة[1]» انتهى. و كما رآها معاذ بن جبل رضي اللّه تعالى عنه حين دخل على النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم يبكي فقال له: «كيف أصبحت يا معاذ؟ قال: أصبحت مؤمنا، فقال:

إن لكل قول مصداقا، و لكل حق حقيقة، فما مصداق ما تقول؟ فقال: يا رسول اللّه ما


[1] - رواه البيهقي في الشعب( 7/ 362)، و الحكيم في النوادر( 4/ 74)، و العقيلي( 4/ 455).

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست