responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 216

و قالوا: أي خير في هذا؟ متاعنا ذهب و نحن ننظر. فاتفق أن بعض العرب ضربوا على ذلك الحي في تلك الليلة فاجتاحوا كل ما فيه، و كانوا يستدلون على الخيام بنهيق الحمار و نباح الكلاب و صراخ الديكة، فأصبحت خيمته سالمة إذ لم يكن بقي من يفضحها، فانظر كيف كان حسن نظر الحق لأوليائه، و حسن تدبيره لهم، و كيف فهم الرجل العارف ما في ذلك من السر في أول مرة، فهذا هو الفهم عن اللّه رزقنا اللّه من ذلك الحظ الأوفر آمين. قال الشبلي: الصوفية أطفال في حجر الحق تعالى انتهى. يعني أنه يتولى حفظهم و تدبيرهم على ما فيه صلاحهم و لا يكلهم إلى أنفسهم، و اللّه تعالى أعلم، و سبب عدم الفهم عن اللّه هو الوقوف مع ظواهر الأشياء دون النظر إلى بواطنها، كما أبان ذلك بقوله:

85- الأكوان ظاهرها غرّة، و باطنها عبرة.

قلت: الغرة بكسر الغين وقوع الغرور، و إنما كانت الأكوان ظاهرها غرة لوجهين: أحدهما: ما جعل اللّه سبحانه على ظاهر حسها من البهجة، و حسن المنظر و ما تشتهيه النفوس من أنواع المآكل و المشارب و الملابس و المراكب و شهوة المناكح و المساكن و البساتين و الرياضات و كثرة الأموال و البنين و كثرة الأصحاب و العشائر و الأجناد و العساكر، و غير ذلك من بهجتها و زهرتها و زخرفها، فانكب جلّ الناس على الاشتغال بجمعها و تحصيلها و الجري عليها الليل و النهار و الشهور و الأعوام، حتى هجم عليهم هاذم اللذات، فأعقبهم الندم و الحسرات، و لم ينفع الندم، و قد جف القلم، سافروا بلا زاد و قدموا على الملك بلا تأهب و لا استعداد، فاستوجبوا من اللّه الطرد و البعاد و لأجل هذا حذر اللّه سبحانه من غرورها و زخرفها و الوقوف مع ظاهرها قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ‌ [آل عمران: 14]، ثم قال: قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ [آل عمران: 15]،

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست