responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 217

و قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الكهف: 7]، أي لنختبرهم أيهم أزهد فيها و قال تعالى لنبيه صلى اللّه عليه و آله و سلم: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‌ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ‌ [طه: 131]، و سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عن أولياء اللّه الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فقال: «الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، و اهتموا بآجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، و تركوا منها ما علموا أن سيتركهم، فما عارضهم من نائلها عارض إلا رفضوه، و لا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه، خلقت الدنيا في قلوبهم فلم يجددوها، و خربت بنيانهم فما يعمرونها، و ماتت في صدورهم فما يحيونها بل يهدمونها، فيبنون بها آخرتهم و يبيعونها ليشتروا بها ما يبقي لهم، و نظروا إلى أهلها صرعى، قد خلت بهم المثلاث فما يرون أمانا دون ما يرجون، و لا خوفا دون ما يجدون‌[1]» انتهى. و قال علي كرم اللّه وجهه فيما كتبه إلى سلمان الفارسي رضي اللّه تعالى عنه: إنما مثل الدنيا كمثل الحية، لين مسّها قاتل سمّها فأعرض عنها و عما يعجبك منها لقلة ما يصحبك منها، ودع عنك همومها لما تيقنت من فراقها، و كن أسرّ ما تكون فيها، أحذر ما تكون منها، فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور أشخص منها إلى مكروه انتهى. فقد جعل الحق سبحانه هذه الأكوان و هي الدنيا و ما اشتملت عليه ظاهرها فتنة، و باطنها عبرة، فمن وقف مع ظاهرها كان مغرورا، و من نفذ إلى باطنها كان عند اللّه مبرورا، فأهل الغفلة و البطالة وقفوا مع متعة عاجلها و بهجة ظاهرها، فغرتهم بزخرفها، و خدعتهم بغرورها حتى أخذتهم بغتة، و أهل اليقظة و الحزم نفذوا إلى باطنها، فعرفوا سرعة ذهابها و قلة بقائها، فاشتغلوا بجمع الزاد، و تأهبوا ليوم المعاد أولئك الذين‌ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ‌


[1] - ذكره ابن الجوزي في صفوة الصفوة( 1/ 43).

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست