نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 201
العبارة و هم الجهال من عموم الناس. و منهم
من يفهم المقصود، و يجد الحق بعد الإشارة أي بعد سماع الإشارة و هم أهل البداية من
السائرين. و منهم من يفهم الإشارة و يجد المشار إليه و هو الحق أقرب إليه من
إشارته و هم أهل الفناء في الذات قبل التمكين. و لهذا تجدهم يتواجدون عند السماع،
و يتحركون و تطيب أوقاتهم و تهيم أرواحهم، أكثر مما يتواجدون عند الذكر، لأن
الإشارة تهيج أكثر من العبارة، بخلاف المتمكنين قد رسخت أقدامهم و اطمأنت قلوبهم و
تحقق وصولهم، فاستغنوا عن الإشارة و المشير، و لذلك قيل للجنيد رضي اللّه تعالى
عنه: ما لك كنت تتحرك عند السماع و تتواجد و اليوم لا نراك تتحرك بشيء؟
قال: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحابِ [النمل: 88]، انتهى. و هذا هو العارف الذي لا إشارة له، لفنائه في
وجود الحق و انطوائه في شهوده، أو تقول لتحقق وصوله و تمكنه في شهوده، فصار المشير
عين المشار إليه لفناء وجوده في وجود محبوبه، و انطواء ذاته في ذات مشهوده، أو
تقول لزوال و همه و ثبوت علمه فتحققت الوحدة و امتحقت الغيرية: رقّ الزجاج و رقت
الخمر، فتشابها و تشاكل الأمر، فكأنّما خمر و لا قدح، و كأنّما قدح و لا خمر،
فالأقداح أشباح، و الخمور أرواح، أو تقول:
لذهاب حسّه و انطماس رسمه، فانكسرت الأواني و سطعت المعاني:
و
طاح مقامي في الرّواسم كلّها
فلست
أرى في الوقت قربا و لا بعدا
فنيت
به عنّي فبان به عيبي
فهذا
ظهور الحقّ عند الفنا قصدا
أحاط
بنا التعظيم من كلّ جانب
و
عادت صفات الحقّ مما يلي العبدا
قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي اللّه تعالى عنه: إن للّه عبادا محق
أفعالهم بأفعاله و أوصافهم بأوصافه و ذاتهم بذاته و حملهم من أسراره ما تعجز عنه
الأولياء. و قال القطب الشيخ ابن مشيش رضي اللّه تعالى عنه و نفعنا ببركاته:
و شراب المحبة مزج الأوصاف بالأوصاف، و الأخلاق بالأخلاق، و الأنوار
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 201