نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 200
77- ما العارف من إذا أشار وجد الحقّ أقرب
إليه من إشارته، بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده و انطوائه في شهوده.
قلت: الإشارة أدق و أدق من العبارة، و الرمز أدق من الإشارة فالأمور
ثلاثة: عبارات، و إشارات، و رموز. و كل واحدة أدق مما قبلها، فالعبارة توضح، و
الإشارة تلوح و الرمز يفرح أي يفرح القلوب بإقبال المحبوب. و قالوا: علمنا كله
إشارة، فإذا صار عبارة خفي، أي خفي سره، أي فإذا صار عبارة بإفصاح اللسان لم يظهر
سره على الجنان، فإشارة الصوفية هي تغزلاتهم و تلويحاتهم بالمحبوب كذكر سلمى و
ليلى، و ذكر الخمرة و الكيسان، و النديم و غير ذلك مما هو مذكور في أشعارهم و
تغزلاتهم، و كذكر الأقمار و النجوم و الشموس و البدور و اللوائح و الطوالع، و كذكر
البحار و الإغراق، و غير ذلك مما هو مذكور في اصطلاحاتهم. و أما الرموز فهي إيماء
و أسرار بين المحبوب و حبيبه لا يفهمها غيرهم. و منها في القرآن فواتح السور، و
منها في الحديث كقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لأبي بكر: «أريد أن
أدعوك لأمر، قال: و ما هو يا رسول اللّه؟ قال: هو ذاك[1]».
فرمز لأمر بينهما لا يعرفه غيرهما، و قال له أيضا:
«يا أبا بكر أتعلم يوم يوم[2]»،
بتكرير لفظ يوم «قال: نعم يا رسول اللّه سألتني عن يوم المقادير»، فهذه رموز بين
الصديق و حبيبه. قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه في شرح الحزب الكبير: و قد
حارت العقول في رموز الحكماء، فكيف بالعلماء؟ فكيف بالأنبياء؟ فكيف بالمرسلين؟
فكيف يطمع في حقائق رب العالمين؟ انتهى. و أما الإشارات فيدركها أربابها من أهل
الفن. و الناس في إدراكها و عدمه على أقسام، فمنهم من لا يفهم منها شيئا، و لا
يعرف إلا ظاهر