نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 199
و الصديقين السائرين. فحزن الكاذبين: هو ما
تقدم من عدم النهوض و الاستدراك لما فات. و حزن الصادقين: هو الحزن المصحوب بالجد
و الاجتهاد، و التوسط في العمل، و الاقتصاد مع اغتنام ما بقي من الأوقات لاستدراك
ما فات. و حزن الصديقين من السائرين: هو الحزن على فوات الأوقات، أو حصول شيء من
الغفلات، أو وقوع ميل أو ركون إلى الحظوظ و الشهوات، إلا أن حزنهم لا يدوم، إذ لا
يقفون مع شيء و لا يقبضهم شىء، و أما الواصلون فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون،
قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس: 62]، إذ الحزن إنما
يكون على فقد شيء، أو فوات غرض، و ما ذا فقد من وجد اللّه:
وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ
[فاطر: 34]. و في هذا المقام ينقطع البكاء إذ لا بكاء في الجنة، و قدر رأى الصديق
قوما يقرأون و يبكون، فقال: كذلك كنا ثم قست القلوب، فعبر بالقسوة عن التمكين أدبا
و تسترا، لأن القلب في بدايته رطب يتأثر بالمواعظ و تحركه الأحوال. فإذا استمر
معها، و تصلب لم يتأثر بشيء و يكون كالجبل الراسي:
وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ
[النمل: 88].
تنبيه: قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي اللّه تعالى عنه: من لم
تطاوعه نفسه على النهوض إلى الطاعات، و أخلدت إلى أرض الشهوات، فدواؤه في حرفين:
الأول: أن يعلم منة اللّه عليه بالهداية للإسلام و محبة الإيمان، فيشكر اللّه
عليها ليحصن بقائها عنده.
الثاني: دوام تضرعه و ابتهاله في مظان الإجابة قائلا: يا ربّ سلم
سلم، و إن أهمل هذين الأمرين، فالشقاوة لازمة له انتهى بالمعنى، و باللّه التوفيق.
ثم إذا أعطاك ما طلبت من كمال الاستقامة، و نهضت إليه نادما على ما فاتك من الطاعة
كانت نهايتك الوصول إلى الحبيب، و مناجاة القريب. هناك تكلّ الألسن عن العبارة و
تنقطع الإشارة، كما أبان ذلك بقوله:
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 199