نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 168
فقوم بسط اللّه عليهم النعم و صرف عنهم
البلايا و النقم، و رزقهم الصحة و أمدهم بالأموال و العافية، فأدوا حقها و قاموا
بشكرها و تشوقوا إلى معرفة المنعم بها، فكانت مطية لهم على السير إليه، و معونة
لهم على القدوم عليه، أخرجوها من قلوبهم و جعلوها في أيديهم و قليل ما هم، قال
تعالى: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:
13]، و في مثل هؤلاء ورد الحديث: «نعمت الدّنيا مطيّة المؤمن، عليها يبلغ الخير و
بها ينجو من الشّرّ[1]» أو كما
قال 7. قال بعض أصحابنا:
جعل 7 الدنيا مطية للمؤمن حاملة له، و لم يجعل المؤمن مطية
لها حتى يتكلف حملها، فهذا يدل على أنها في يده، يستعين بها على السير إلى ربه، لا
أنها في قلبه حتى يرتكب المشقة في طلبها، و اللّه تعالى أعلم. و قوم أمدهم اللّه
بالنعم و بسط لهم في المال و العافية و صرف عنهم النقم، فشغلهم ذلك عن النهوض إليه
و منعهم من المسير إلى حضرته، فسلب ذلك عنهم و ضربهم بالبلايا و المحن، فأقبلوا
على اللّه بسلاسل الامتحان: «عجب ربّك من قوم يساقون إلى الجنّة بالسّلاسل». و قد
مدح اللّه الغني الشاكر و الفقير الصابر بمدح واحد فقال تعالى في حق سليمان: وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ
أَوَّابٌ [ص: 30].
و قال في حق أيوب 7:
إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص: 44]. و قال بعضهم: لأن أعطى فأشكر أحبّ إليّ من أن أبتلى فأصبر.
و كان الشيخ أبو العباس المرسي رضي اللّه تعالى عنه يرجح الغني
الشاكر على الفقير الصابر، و هو مذهب ابن عطاء، و مذهب أبي عبد اللّه الترمذي
الحكيم رضي اللّه تعالى عنه يقول: الشكر صفة أهل الجنة، و الفقر ليس كذلك قاله في
لطائف المنن، و التحقيق أن الفقير الصابر هو الغني الشاكر و بالعكس، لأن الغني
إنما هو باللّه، فإذا استغنى القلب باللّه، فصاحبه هو الغني الشاكر، و لا عبرة بما
في
[1] - رواه أبو نعيم في الحلية( 6/ 220)، و الديلمي في
الفردوس( 5/ 10)، و ابن عدي في الكامل( 1/ 309).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 168