نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 169
اليد، فقد تكون اليد معمورة و القلب فقير[1]، و قد يكون القلب غنيّا باللّه و
اليد فقيرة، و قد تكون اليد معمورة و القلب مع اللّه غنيّا به عما سواه.
قال بعض المشايخ: كان رجل بالمغرب من الزاهدين في الدنيا، و من أهل
الجد و الاجتهاد، و كان عيشه مما يصيده من البحر، و كان الذي يصيده يتصدق ببعضه و
يتقوّت ببعضه، فأراد بعض أصحاب هذا الشيخ أن يسافر إلى بلد من بلاد المغرب، فقال
له هذا الزاهد: إذا دخلت على بلدة كذا فاذهب إلى أخي فلان فاقرئه مني السلام و
اطلب منه الدعاء، فإنه وليّ من أولياء اللّه تعالى، قال:
فسافرت حتى قدمت تلك البلدة، فسألت عن ذلك الرجل، فدللت على دار لا
تصلح إلا للملوك فتعجبت من ذلك و طلبته قيل لي: هو عند السلطان فازداد تعجبي، فبعد
ساعة، و إذا هو قد أتى في أفخر مركب و ملبس، و كأنما هو ملك في مركبه قال: فازداد
تعجبي أكثر من الأوّلين، فهممت بالرجوع و عدم الاجتماع به. ثم قلت: لا يمكنني
مخالفة الشيخ فاستأذنت فأذن لي فلما دخلت رأيت ما هالني من العبيد و الخدم و
الشارة الحسنة، فقلت له: أخوك فلان يسلم عليك. قال لي: جئت من عنده؟ قلت: نعم.
قال: إذا رجعت إليه فقل له إلى كم اشتغالك بالدنيا، و إلى كم إقبالك عليها و إلى
متى لا تنقطع رغبتك فيها؟
فقلت: و اللّه هذا أعجب من الأولى، فلما رجعت إلى الشيخ قال: اجتمعت
بأخي فلان؟ قلت: نعم قال: فما الذي قال لك؟ قلت: لا شيء قال: لا بد أن تقول لي،
فأعدت عليه ما قال فبكى طويلا، و قال صدق أخي فلان هو غسل اللّه قلبه من الدنيا و
جعلها في يده و على ظاهره، و أنا أخذها من يدي ولي إليها بقايا التطلع انتهى. من
لطائف المنن للمؤلف رحمه اللّه و رضي عنه.
فأحوال الأولياء لا تنضبط بفقر و لا غني، لأن الولاية أمر قلبي، لا
يعلمها إلا من خصهم بها و باللّه التوفيق.