نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 166
رضي اللّه تعالى عنه: صلاح الدين الورع و
فساد الدين الطمع، لا ورع العوام الذي هو ترك المتشابه و الحرام، فإنه لا يقابل
الطمع كل المقابلة، و حاصله صحة اليقين، و كمال التعلق برب العالمين، و وجود
السكون إليه، و عكوف الهم عليه، و طمأنينة القلب به، حتى لا يكون له ركون إلى شيء
من السوى، فهذا هو الورع الذي يقابل الطمع المفسد، و به يصلح كل عمل مقرب و حال
مسعد.
قال يحيى بن معاذ رضي اللّه تعالى عنه: الورع على وجهين ورع في
الظاهر، و هو ألا تتحرك إلا للّه، و ورع في الباطن، و هو ألا يدخل قلبك إلا اللّه.
ذكر أن بعضهم كان حريصا على أن يرى أحدا ممن هذا صفته، فجعل يجتهد في
طلبه، و يحتال على التوصل إليه بأن يأخذ الشيء بعد الشيء من ماله، و يقصد به
الفقراء و المساكين، و يقول لمن يعطيه: خذ لا لك، فكانوا يأخذون و لا يسمع من أحد
منهم جوابا مطابقا لما أراده، إلى أن ظفر ذات يوم ببغيته و حصل على مقصوده و
منيته، و ذلك أنه قال لأحدهم: خذ لا لك، فقال له: آخذه لا منك، فإن كان للعبد
استشراف إلى الخلق، أو سبقية نظر إليهم قبل مجيء الرزق أو بعده فمقتضى هذا الورع
و الواجب في حق الأدب ألا ينيل نفسه شيئا مما يأتيه على هذا الحال عقوبة لنفسه في
نظره إلى أبناء جنسه كقصة أيوب الحمال مع أحمد بن حنبل رضي اللّه عنهما: و هي
معروفة. و كما روي عن الشيخ أبي مدين رضي اللّه تعالى عنه أنه أتاه حمال بقمح
فنازعته نفسه، و قالت: يا ترى من أين هذا؟ فقال: أنا أعرف من أين هو يا عدوة
اللّه، و أمر بعض أصحابه أن يدفعه لبعض الفقراء عقوبة لها، لكونها رأت الخلق قبل
رؤية الحق تعالى، و قد قيل: إن أحل الحلال ما لم يخطر على بال، و لا سألت فيه أحدا
من النساء و الرجال. قال الشيخ عبد العزيز المهدوي رضي اللّه تعالى عنه: الورع ألا
تتحرك و لا تسكن إلا و ترى اللّه في الحركات و السكون، فإذا رأى اللّه ذهبت الحركة
و السكون و بقي مع اللّه، فالحركة ظرف لما فيها كما قال: ما رأيت شيئا إلا
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 166