نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 101
و هو الجمال، بحيث لا تفرح و لا تبطر، فإن
الجلال مقرون بالجمال، و الجمال مقرون بالجلال، يتعاقبان تعاقب الليل و النهار. و
العارف يتلون مع كل واحد منهما لا يستغرب شيئا، و لا يتعجب من شيء إذ كل ما يبرز
من عنصر القدرة كله واحد، و بهذا وقع التفريق بين الصادق و الصديق لأن الصديق لا
يتعجب من شيء و لا يتردد في شيء وعد به، بخلاف الصادق فقط، فإنه مهما رأى شيئا
مستغربا تعجب منه، و إذا وعد بشيء قد يتردد في امتثاله، و قد وصف اللّه تعالى
السيدة مريم بالصديقية، و لم يصف السيدة سارّة بها لأنها لما بشرت بالولد على وجه
خرق العادة استغربت و قالت: إِنَّ هذا لَشَيْءٌ
عَجِيبٌ [هود: 72]، فلذلك قالت لها الملائكة: أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [هود:
73]، بخلاف مريم فلم تتعجب، و إنما سألت سؤال استفهام فقط، أو سألت عن وقت ذلك، أو
كيفيته هل بالتزوج أو بغيره، و اللّه تعالى أعلم[1].
ثم ذكر الأدب الثامن، و هو أن يكون تصرفه باللّه و للّه و من اللّه و
إلى اللّه، و هو مقام الصدق الذي هو لب الإخلاص، و إخلاص خواص الخواص فقال:
25- ما توقّف مطلب أنت طالبه بربّك و لا تيسّر مطلب أنت طالبه
بنفسك.
التوقف: الحبس و التعذر، و المطلب ما يطلب قضاؤه، و التيسر: التسهيل.
قلت: إذا عرضت لك حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة و أردت أن تقضي لك
سريعا، فاطلبها باللّه و لا تطلبها بنفسك، فإنك إذا طلبتها باللّه تيسر أمرها و
سهل قضاؤها، و إن طلبتها بنفسك صعب قضاؤها و تعسر أمرها و لا يتوقف و يحبس أمر
طلبته بربك و لا يتيسر و يسهل أمر طلبته بنفسك، قال تعالى حاكيا عن سيدنا موسى
7: قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا
إِنَّ الْأَرْضَ