ان يجتهد في تعديل هواء الفصلين الآخرين
أعني الصيف و الشتاء، و كذلك ينبغي أن تعدل كل هواء تجده خارجا عن الاعتدال لتحفظ
الاعتدال بالمعتدل لأن الشبه يحفظ شبهه كما قدمنا بذلك القول و الضد أيضا يشفي ضده
كما قال الجليل بقراط.
القول في الموافق من الحركة و السكون لأبدان الناس و على طريق
المثال للدماغ و لسائر الأعضاء
ان الحركة الانتقالية التي يحركها الانسان بأختياره هي على ضربين،
أحدهما معتدلة و هي التي تسخّن إسخانا معتدلا فتنمي الحرارة الغريزية التي يكون
بها الهضم في المعدة و في عضو من أعضاء البدن و بها تنقي الأعضاء عنها فضلات ما
يبقي من الاغذية بعد الهضم و بها تجذب الأعضاء اليها ما شاكلها من الأغذية و بها
تمسك الأعضاء ما صار اليها مما هو شبيه بها فيكون ذلك زائدا فيها، و أما الضرب
الثاني من الحركة فهو الخارج عن الاعتدال اما الى الزيادة و اما الى النقصان. فان
نقصت الحركة عن الاعتدال لم تقو على الافعال المقدم ذكرها على التمام و ان زادت و
أفرطت بردت لكثرة ما تستفرغه من الأعضاء فيجب عليك ايها الطبيب ان تعلم ذلك، و
تتخذه أصلا لسائر أصناف الرياضة بالحركة التي الحاجة اليها ضرورية و في حفظ صحة
الأعضاء، و في معالجة أمراضها، و لذلك يلزمك أن تعرف أوقاتها و ترتيب أزمانها و ما
ينبغي أن يتقدمها، و ما ينبغي أن يتبعها إذ كانت طبيعية للأبدان ضرورية في جودة
الصحة و البقاء و لأن جالينوس قد حدد ذلك فينبغي لك ان تحكمه من أقاويله، و انا
حاك[1] لك فصلا
من قوله لتتخذه أصلا في ذلك. قال: أن أفضل أوقات الرياضة هو الوقت الذي يكون فيه
الغذاء الأمسي قد استكمل انهضامه و استمراؤه في الموضعين جميعا أعني في البطن و في
العروق و يكون قد حضر وقت تناول غذاء آخر فان استعملت الرياضة قبل هذا الوقت أو
بعده فانك حينئذ أما أن تملأ البدن أخلاطا نيّة، و أما ان تشحذ المرار الأصفر على
التولد و التزايد. و قد تقدر على الوقوف على الوقت الذي أشرنا اليه يكون (....) و
أنا أحكي لك قوله الذي قاله في الاستدلال من القول في قول مفرد لتقو فيما بعد في
حفظ الصحة و تقدير الرياضة و الأغذية.
[1] ( 97 ب) وردت في الاصل( حاكى) و الصحيح ما أثبتناه.