وجدته فوق ذلك، و كان عتبة بن عامر رحمه
اللّه تعالى يقول إذا وافقت سريرة العبد علانيته قال اللّه تعالى لملائكته: [هذا
عبدي حقا].
و كان أبو عبد اللّه الأنطاكي رحمه اللّه تعالى يقول أفضل الأعمال
ترك المعاصي الباطنة، فقيل له: و لم ذلك؟ قال: لأن الباطنة إذا تركت كان صاحبها
للمعاصي الظاهرة أترك فمن كانت سريرته أفضل من علانيته فذلك الفضل، و من تساوت
سريرته و علانيته فذلك العدل و من كانت علانيته أفضل من سريرته فذلك الجور، و كان
يوسف بن أسباط رحمه اللّه تعالى يقول: أوحى اللّه تعالى إلى نبي من الأنبياء عليهم
الصلاة و السلام أن قل لقومك يخفوا لي أعمالهم و أنا أظهرها لهم و قد مر مثل ذلك
في الخلق قبله.
و كان أبو عبد الرحمن الزاهد يقول في مناجاته يا ويحي عاملت الناس
بالأمانة و عاملت ربي بالخيانة فليتني عكست ثم يبكي، و كان مالك بن دينار رحمه
اللّه تعالى يقول:
من أمر الناس بشيء لم يبلغه حاله فهو منافق إلا أن يسأله أحد عن
حكمه، و كان يقول إياك أن تكون في النهار أبا عبد اللّه الصالح و في الليل شيطان
طالح، و تقدم عن إبراهيم التيمي إنه كان يقول ما عرضت علمي على عملي إلى وجدت نفسي
غير عامل بما علمت، و كان الزبير بن العوام رضي اللّه عنه يقول اجعلوا لكم خبيئة
من العمل الصالح كما أن لكم خبيئة من العمل السيئ و تقدم قول معاوية بن قرة من
يدلني على رجل يبكي بالليل و يتبسم بالنهار أي أن ذلك لقليل.
و كان أبو مسلم الخولاني رحمه اللّه تعالى يقول: من نعمة اللّه عليّ
أنني منذ ثلاثين سنة ما فعلت شيئا يستحي منه إلا قربى من أهلي، و كان أبو عبد
اللّه السمرقندي رحمه اللّه تعالى إذا مدحه الناس يقول: و اللّه ما مثلي و مثلكم
إلا كمثل جارية ذهبت بكارتها بالفجور و أهلها لا يعلمون بذلك فهم يفرحون بها ليلة
الزفاف و هي حزينة خوف الفضيحة، و كان أبو أمامة رضي اللّه عنه يعيب على الرجل
بكاءه في المسجد بحضرة الناس، و كان ميمون بن مهران رحمه اللّه تعالى يقول علانية
بغير سريرة مثل كنيف مزخرف من خارجه و من داخله النتن و الخبث و من افتخر بمال لم
يصبه كذبه كسبه، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: من أراد أن يعده الناس
من الصالحين بالقول فقط دون موافقتهم في الأعمال فهو كمن دخل وليمة الملك لقوم
خاصين بغير إذن، و من اكتفى بالقول دون العمل جازاه اللّه بالوعد دون العطاء
كعقوبة له، و كان بلال بن سعد رحمه اللّه تعالى يقول: إذا ادعى الفقير الزهد بغير
حق رقص الشيطان حوله يضحك عليه و يسخر به، و كان عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه