محمد بن إبراهيم والي مكة يسلم على سفيان
الثوري في المطاف فقال: ماذا تريد بالسلام إن كنت تريد أن أعلم أنك تطوف اذهب فقد
علمت، و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول لا يصلح أن يدخل على الأمراء و
يخالطهم إلا مثل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأما أمثالنا فلا يصح
له الدخول عليهم لعجزه عن مواجهتهم بالنصح و الإنكار عليهم فيما يراه منهم من
الظلم و الجور و نحوه كفرش الحرير و الستائر و غير ذلك، و قد ذكروا مرة عند معاوية
رضي اللّه عنه كلاما و كان الأحنف بن قيس رحمه اللّه تعالى جالسا فلم يتكلم فقال
له: معاوية مالك لا تتكلم يا أحنف فقال أني أخشى اللّه تعالى إن كذبت و أخشاك إن
صدقت فرأيت السكوت أولى انتهى، و سيأتي زيادة على ذلك مفرقا و الحمد للّه رب
العالمين.
ترك النفاق
(أخذ علينا العهود في أخلاقهم): فمنها عملهم على ترك النفاق بحيث
تتساوى سريرتهم و علانيتهم في الخبر فلا يكون لأحدهم عمل يفتضح به غدا في الآخرة و
من وصية أبي العباس الخضر 7 لعمر بن عبد العزيز لما اجتمع به في المدينة
المشرفة و سأله أن يوصيه بوصية، فقال له: إياك يا عمر أن تكون وليا للّه في
العلانية وعدوا له في السر فإن من لم تتساو سريرته و علانيته فهو منافق و
المنافقون في الدرك الأسفل من النار فبكى عمر حتى بل لحيته، و في الحديث [يخرج في
آخر الزمان أقوام يحتالون أي يطلبون الدنيا بعمل الآخرة، أي الدنيا بالدين، يلبسون
جلود الضأن من اللين. ألسنتهم أحلى من العسل، و قلوبهم قلوب الذئاب. يقول اللّه
تعالى [أبي يغترون أم علي يجترءون] بى حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم
فيهم حيران].
و كان المهلب بن أبي صفرة رحمه اللّه تعالى يقول: إني لأكر الرجل
يكون للسانه فضل على فعله، و كان بعد الواحد بن زيد رحمه اللّه تعالى يقول ما بلغ
الحسن البصري رحمه اللّه تعالى إلى ما بلغ إلا لكونه كان إذا أمر الناس بشيء يكون
أسبقهم إليه، و إذا نهاهم عن شيء كان أبعدهم منه، و كانوا يقولون ما رأينا أحدا
سريرته أشبه بعلانيته من الحسن البصري، و كان معاوية بن قرة رحمه اللّه تعالى
يقول: بكاء القلب خير من بكاء العين و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول:
القلوب كالقدور و مغارفها ألسنة أصحابها فكونوا عبيدا بأفعالكم كما أنكم عبيد
بأقوالكم، و كان مروان بن محمد رحمه اللّه تعالى يقول ما وصف لي رجل قط إلا وجدته
دون ما وصفوه به إلا وكيعا رحمه اللّه تعالى، فإني