responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 222

دبس ثم مات رحمه اللّه تعالى و لم يفعل ذلك، قال: و قدم بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إناء فيه لبن و عسل فرده و لم يأكل منه، و قال تذهب لذته و تبقى تبعته، و قد رأى ابنه عبد اللّه رضي اللّه عنهما يوما يأكل خبزا و سمنا فعلاه بالدرة و قال له: كل خبزا و ملحا و اترك السمن لغيرك اه.

فتأمل يا أخي نفسك و ابك على حالك فإن سداك و لحمتك شهوات فأنت محجوب عن ربك في عموم الأوقات لا تلتذ بشي‌ء من العبادات و لا تراقب ربك في الخلوات فكيف تدعي أنك من الصالحين و أنت قد خالفتهم في جميع أحوالهم، فإن لم توافقهم في الأمور الباطنة و إلا يا أخي فانزع زيهم الظاهر من عمامة الصوف و جبة و عذبة.

و قد رأيت مرة شخصا بهذه الصفة في وليمة يمد يده يمينا و شمالا فيلتقط اللحم و أطايب الطعام من بين يدي إخوانه و ربما يدعى إلى أكلة واحدة إلى المطرية خارج مصر أو بلبيس فيسافر إليها، و ربما يدعي أنه يفعل ذلك جبرا لخاطر من يدعوه لا لأجل شهوة بطنه و الناقد بصير، و الحمد للّه رب العالمين.

شدة الاجتهاد

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): شدة اجتهادهم في العبادة ليلا و نهارا رجالا و نساء و دوام مواظبتهم على قيام الليل لا سيما في ليالي الشتاء و عدم رؤيتهم نفوسهم بذلك على أحد من النائمين أو أنهم قاموا بذرة واحدة من واجب حقوق اللّه تعالى عليهم، بل يرون جميع عباداتهم من النعم التي لا يطيقون لها شكرا كما سيأتي بسطه في أماكن من هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى، و قد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: [رحم اللّه أقواما يحسبهم الناس مرضى و ما هم بمرضى‌] قال الحسن: يعني أجهدتهم العبادة و كانوا يعملون أعمال البر و يخافون عليها الرد.

و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: لقد أدركت أقواما و صحبت طوائف فما كانوا يفرحون بشي‌ء من الدنيا أقبل و لا يحزنون على شي‌ء أدبر، و كانت في أعينهم أهون من التراب الذي يطئون عليه، و كان أحدهم يعيش طول عمره لا يطوي له ثوب و لا يأمر أحدا من أهله بصنعة طعام و لا يجعلون بينهم و بين الأرض شيئا إذا ناموا و كانوا عاملين بكتاب اللّه تعالى و سنة نبيه صلى اللّه عليه و سلم، و كانوا إذا جنهم الليل قاموا على أقدامهم و افترشوا وجوههم و جرت دموعهم على خدودهم حتى كان يظن الداخل لهم أن هذا من ماء الوضوء.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست