(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر و إن لم يفعلوا و لم ينتهوا و هذا الخلق يخل به
كثير ممن لم يسلك على يد شيخ صادق فيقول إن الأمر بالمعروف لا يكون إلا ممن كان
تائبا عن جميع الذنوب و نحن قوم قد غمرتنا الذنوب و هذا مخالف لما عليه العلماء
العاملون، فقد ورد في الحديث الشريف أن أبا هريرة رضي اللّه عنه قال:
قلنا يا رسول اللّه أنأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر، و إن لم نأتمر
و لم ننته فقال صلى اللّه عليه و سلم [مروا بالمعروف و إن لم تعملوا به و انهوا عن
المنكر و إن لم تنتهوا عنه كله] و كان أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه يقول: من
نهى عن المنكر و شنأ الفاسقين و غضب إذا انتهكت حرمات اللّه غضب اللّه تعالى له.
و قد قيل لحفص بن حميد رحمه اللّه تعالى ما الذي بلغ بسفيان الثوري
ما بلغ فقد كان في زمانه من هو مثله في كثرة العبادة و العلم، فقال: بلغ به رحمه
اللّه تعالى استخفافه بالعصاة في مواضع الحق و عدم مراعاته لهم، و كان رحمه اللّه
ربما يرى المنكر فلم يقدر على إزالته فيبول الدم من القهر، و كان أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول: سيأتي على الناس زمان يكون صالحهم فيه هو من لا
يأمر بمعروف و لا ينهى عن منكر فيقول الناس ما رأينا منه إلا خيرا لكونه لم يغضب
للّه تعالى.
و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: مصائب المؤمن في الدنيا
ثلاثة صلاة تفوته و أخ صالح يموت و حدث يحدث في الإسلام، و كان أمير المؤمنين علي
رضي اللّه عنه يقول: سيأتي على الناس زمان يكون منكر المنكر فيه أقل من عشر الناس،
ثم يذهب العشر بعد ذلك فلا يبقى أحد ينكر منكرا، و كان أويس القرني رضي اللّه عنه
يقول: إن قيام المؤمن بالحق لم يدع له في الدنيا صديقا، و ما أمر أحد الناس بتقوى
اللّه و نهاهم عن المنكر إلا رموه بالعظائم و شتموا عرضه، و قد كان كعب الأحبار
رضي اللّه عنه يقول: جنة الفردوس خاصة بمن يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و كان
وهيب بن الورد رحمه اللّه تعالى يقول في قوله تعالى:
[وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ][1]،
أي كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر.
و كان أنس بن مالك رضي اللّه عنه يقول: من سمع أحد يفعل منكرا و لم
ينهه جاء يوم القيامة أصم مقطوع الأذنين، و كان جرير بن عبد اللّه رحمه اللّه
تعالى يقول: ما من قوم أعزاء على