responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 208

فقلت: إني لأرجو أن يكون المسلم أولى بذلك عند اللّه تعالى فإن توبة المسلم كإسلام بعد إسلام أي كتكراره الشهادتين، و كان عبد اللّه بن سلام رضي اللّه عنه يقول: لا أحدثكم إلا عن كتاب منزل أو نبي مرسل إن العبد إذا عمل ذنبا ثم ندم عليه طرفة عين و استغفر اللّه تبارك و تعالى سقط عنه أسرع من طرفة عين.

و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول: جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة، و في الحديث [ما أصر من استغفر و إن عاد في اليوم أكثر من سبعين مرة]، و كان إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى يقول: ما ألهم اللّه تعالى عبدا الاستغفار و هو يريد أن يعذبه، و قد سئل الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى عن معنى قول العبد أستغفر اللّه، فقال معنى اللهم أقلني من ذنبي، و كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول: من قدم الاستغفار على الندم كان كالمستهزئ على اللّه تعالى و لا يشعر و إنها توبة الكذابين.

(قلت) و يؤيد ذلك قوله تعالى: [أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ‌][1] فأخر الاستغفار عن التوبة المشتملة على الندم، فليتأمل فإن الواو هنا للترتيب و اللّه أعلم، و قد سئل يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى ما بال المسلم إذا وقع في ذنب يكره أن يطلع عليه الناس أكثر من كراهته لاطلاع اللّه تعالى عليه هل ذلك من هوان منه بربه عز و جل، فقال: لا و لكن ذلك من شدة معرفته بكرم ربه وجوده و أنه سبحانه لا يفضحه بخلاف الناس، و قد بلغنا أن أعرابيا كان يقول في دعائه اللهم إن استغفاري مع إصراري لؤم و تركي الاستغفار مع علمي بسعة عفوك و رحمتك عجز، فاغفر لؤمي برجائي لرحمتك يا أرحم الراحمين.

و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى إذا سمع قوله تعالى: [فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً][2] يقول إلهي إذا كان هذا قولك في حق من قال أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون رفقك بمن لا يشرك بك شيئا بل يعلم أنك أنت اللّه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، و كان رحمه اللّه تعالى يقول: بلغنا أن اللّه سبحانه و تعالى يحاسب المسلمين يوم القيامة بالمن و الفضل و يحاسب الكافر يومئذ بالحجة و العدل اه.

فاعلم ذلك يا أخي و أكثر من الاستغفار ما دمت في هذه الدار فإنه يطفئ غضب الجبار و لا تظن محو ذنوبك إذا فعلت الأمور التي ورد في الشرع أنها مكفرة لذلك، فقد يكون لها شر و ظلم و تأت بها و اعلم أن المؤمن لا يطمئن حتى يدخل الجنة فافهم، و الحمد للّه رب العالمين.


[1] -سورة المائدة: الآية 74.

[2] -سورة طه: الآية 44.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست