responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 149

كثرة الصبر

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): كثرة الصبر على البلايا و النوازل و عدم سخطهم على مقدور ربهم عز و جل و كانوا يقولون من لم يصبر فليتصبر لحديث [و من يتصبر يصبره اللّه تعالى‌] فعلم أن من لم يصبر على فضول الدنيا من طعام و منام و كلام و جماع و غير ذلك لا تقول له الملائكة يوم القيامة سلام عليكم بما صبرتم، بل هو يومئذ في هم و غم و عدم أمن بخلاف من سلمت عليه الملائكة عليهم الصلاة و السلام فإنه يأمن و يزول عنه الهم و الغم و يصير في فرح و سرور و أمن، و قد كان عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه يقول في قوله تعالى: [وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ‌][1] أنه الفقر و المرض.

و كان كعب الأحبار رضي اللّه عنه يقول: لا يوصف بالصبر إلا من صر على أذى الناس له و لم يقابلهم بنظيره يعني لا سرا و لا جهرا حتى بالدعاء عليهم و التوجه فيهم إلى اللّه تعالى، و أعظم الصبر أيضا صبر العبد عما نهى اللّه عنه و على ما أمره اللّه بفعله، و قد كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: إن اللّه تعالى ليواصل البلاء بعبده المؤمن فينزل عليه بلاء بعد بلاء حتى يمشي و ليس عليه خطيئة، و قد عثرت امرأة فتح الموصلي رحمها اللّه تعالى مرة فطار ظفرها فضحكت، فقيل لها: ألم تجدي ألم الظفر؟، قالت: بلى و لكن ثواب ذلك ألهاني عن وجود الاشتغال بالألم، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: لو لا الفقر و المرض و الموت ما طأطأ ابن آدم رأسه من شدة الكبر، ثم بعد ذلك هو وثاب على معاصي اللّه تعالى.

و قد شكا الأحنف بن قيس رحمه اللّه تعالى وجع ضرسه لعمه فقال له: يا أحنف أراك تشكو وضع ضرسك من ليلة واحدة و اللّه إن لي بذلك نحو ثلاثين سنة ما أظن أن أحدا شعر بذلك غيرك، و كان أبو سليمان الداراني يقول: مر موسى عليه الصلاة و السلام يوما برجل قد خرقت السباع بطنه و نهشت لحمه فعرفه موسى فوقف عليه و قال: يا رب إنه كان مطيعا لك فما الذي أرى، فأوحى اللّه إليه يا موسى أنه سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليته لأبلغه تلك الدرجة.

و قد كان كعب الأحبار رحمه اللّه تعالى يقول: من شكا مصيبة نزلت به إلى غير اللّه تعالى لم يجد للعبادة بعد ذلك حلاوة حتى يتوب اللّه تعالى عليه، و كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول: أوحى اللّه تعالى إلى العزير 7 إذا نزلت بك بلية فاحذر أن‌


[1] -سورة البقرة: الآية 177.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست