مغشيا عليه، و قال فرقد السنجي رحمه اللّه
تعالى: سمعت مناديا ينادي من جهة السماء و يقول يا أشباه اليهود إن أعطيتم لم
تشكروا و إن ابتليتم لم تصبروا و مع ذلك تزعمون أنكم من الصالحين فكونوا على حذر
من سطوات ربكم.
و قد رأى بعض أصحاب عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى أن القيامة
قد قامت و نادى المنادي أين فلان؟ أين فلان؟ فصار الناس يحاسبون ثم يذهب بهم إلى
النار، ثم نادى المنادي أين عمر بن عبد العزيز فأتى به فحوسب ثم نجا و أمر به إلى
الجنة، قال: فلما قص الرائي هذه الرؤيا على عمر و وصل إلى قوله أين عمر؟ خر عمر
مغشيا عليه فصار الرجل يناديه في أذنه و يقول: رأيتك و اللّه قد نجوت و عمر لا يعي
ما يقول اه.
ففتش يا أخي نفسك فأنت أعرف بها من غيرك و لا تركن إلى قول بعضهم لك
رأيتك البارحة في الجنة مثلا إلا بعد عرض أفعالك و أقوالك و عقائدك على الكتاب و
السنة، فاعلم ذلك يا أخي و لا تكن مغرورا و الحمد للّه رب العالمين.
عرض الأعمال
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): أن
لا يبادروا بالدعاء لمن سألهم أن يدعوا له إلا إن علم أحدهم أن اللّه تعالى راض
عنه، و ذلك بعرض أعماله على الكتاب و السنة فإن رأى فيها مخالفة فمن الأدب أن يسأل
اللّه تعالى العفو عن نفسه ثم بعد ذلك يدعو لمن يشاء، و هذا الخلق قد أغفله غالب
الفقراء اليوم، و قد كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: الدعاء حقيقة هو ترك
الذنوب فمن تركها فعل اللّه تعالى به ما يختار من غير سؤال، و كان وهب بن منبه
رحمه اللّه تعالى يقول: رأيت في بعض الكتب الإلهية يقول اللّه عز و جل: كيف تدعوني
و قلوبكم معرضة عني.
و قد أوحى اللّه تعالى إلى عيسى عليه الصلاة و السلام أن قل لبني
إسرائيل لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة و نفوس و جلة و أبصار خاشعة و
جوارح مطهرة من الفواحش، فمن دخل بيتي و هو متلطخ بشيء من الذنوب لعنته، و أعلمهم
أني لا أجيب لأحد منهم دعوة و لأحد من الخلق عليه مظلمة أو في بطنه لقمة من حرام،
و كان إبراهيم النخعي رحمه اللّه تعالى يقول: دعاء الرجل في خلوته أفضل من دعائه
في مجالس القصاص.
و قال رجل لزياد بن ظبيان رحمه اللّه تعالى كثر اللّه في المسلمين من
أمثالك، فقال له: