(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
معاتبة من انقطع عن زيارتهم من إخوانهم من حيث حرمانه من الثواب العائد عليه لا من
حيث الخلل بحقوقهم كما قد يتوهم ذلك بقطع النظر عن عود فائدة ذلك عليهم، و ذلك حتى
يكون أحدهم ممن سعى في مصالح إخوانه لا في مصالح نفسه فقط، و هذا خلق ما رأيت له
فاعلا من أقراني إلا قليل جدا، و الحمد للّه رب العالمين.
اجتناب الجلوس فى السوق
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
اجتناب الجلوس في السوق لبيع أو شراء إلا بعد معرفة أحكام الشرع في المعاملات و
غلبة ظنهم أن أحدهم لا يشتغل بذلك من أعمال آخرته، لأن كل ما يشغل عن اللّه فهو مشئوم
على صاحبه في الدنيا و الآخرة، و قد ورد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان
إذا دخل السوق قال: [اللهم إني أسألك من خير هذه السوق، و أعوذ بك من الكفر و
الفسوق] و كان أبو الدرداء رضي اللّه عنه يقول: إياكم و مجالسة السوقة فإنها تلهي
و تلغي، و قد كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: لا تنظروا إلى ظاهر ثياب
التجار و السوقة فإن تحتها ذئابا كاسرة.
و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: السوق مكثرة للمال مفسدة
للدين، و قد كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: إياكم و مجالسة الأغنياء و
قراء الأمراء و السوقة، و كان ابن السماك رحمه اللّه تعالى يقول: يا أهل السوق
سوقكم كاسد و خياركم حاسد و بيعكم فاسد، فاستيقظوا لأنفسكم، و كان حماد بن زيد
رحمه اللّه تعالى يقول: ما افتقر تاجر قط إلا بوقوعه في شيء من هذه الخصال و هي
اللغو و الكذب و الحلف و الغل و الخيانة و الحسد و تفويت صلاة الجماعة، و مجالس
العلم و اتباع الشهوات الدنيوية.
و قد كان الإمام مالك رضي اللّه عنه يأمر الأمراء فيجمعون التجار و
السوقة و يعرضونهم عليه، فإذا وجد أحدا منهم لا يفقه أحكام المعاملات و لا يعرف
الحلال من الحرام أقامه من السوق، و قال له تعلم أحكام البيع و الشراء ثم اجلس في
السوق فإن من لم يكن فقيها أكل الربا شاء أم أبى.
و كان قتادة رحمه اللّه تعالى يقول: عجبا للتاجر كيف يسلم و هو
بالنهار يحلف