responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 13

بميزان شرعي و لا يعرف ذلك إلا من تبحر في علوم الشريعة انتهى.

قلت: فكذب و اللّه و افترى من يقول إن طريق الصوفية لم يأت بها كتاب و لا سنة و قوله ذلك من أكبر العلامات على كثرة جهله، فإن حقيقة الصوفي عند القوم هو عالم عمل بعلمه على وجه الإخلاص لا غير و غاية ما يطلبه القوم من تلامذتهم بالمجاهدات بالصوم و السهر و العزلة و الصمت و الورع و الزهد و غير ذلك أن يصير أحدهم بالعبادات على الوجه الذي يشبه ما كان عليه سلفهم الصالح لا غير و لكن لما اندرست طريق السلف باندراس العاملين بها ظن بعض الناس أنها خارجة عن الشريعة لقلة من يتخلق بصفات أهلها كما بسطنا الكلام على ذلك في كتاب المنهج المبين في بيان أخلاق العارفين فاعلم ذلك و الحمد للّه رب العالمين.

الميزان‌

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): توقفهم عن كل فعل أو قول حتى يعرفوا ميزانه على الكتاب و السنة أو العرف لأن العرف من جملة الشريعة، قال تعالى: [خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ‌][1]، فعلم أن القوم لا يكتفون في أقوالهم و أفعالهم بمجرد عمل الناس بها لاحتمال أن يكون ذلك الفعل أو القول من جملة البدع التي لا يشهد لها كتاب و لا سنة، و في الحديث [لا تقوم الساعة حتى تصير السنة بدعة] فإذا تركت البدعة يقول الناس تركت السنة و ذلك لتوارث الفروع البدع عن أصولهم فلما طال الزمن بالبدع ظن الناس إنها سنة مما سنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و من القوم طائفة إذا لم يجدوا لذلك العمل دليلا من سنة النبي صلى اللّه عليه و سلم الثابتة في كتب الشريعة يتوجهون بقلوبهم إليه صلى اللّه عليه و سلم، فإذا حضروا بين يديه سألوه عن ذلك و عملوا بما قال لهم إلا أن مثل ذلك خاص بأكابر الرجال، فإذا قيل فهل لصاحب هذا المقام أن يأمر الناس بما أمره به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أم لا، فالجواب لا ينبغي له ذلك لأنه أمر زائد على السنة الصحيحة الثابتة من طريق النقل و من أمر الناس بشي‌ء زائد على ما ثبت من طريق النقل فقد كلف الناس شططا اللهم إلا أن يختار أحد ذلك فلا حرج، كما هو شان مقلدي المذاهب المستنبطة من الكتاب و السنة و اللّه أعلم.

و قد كان السلف الصالح رضي اللّه عنهم يحثون الناس لا سيما أصحابهم على التقيد بالكتاب و السنة و اجتناب البدع و يشددون في ذلك حتى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ربما كان يهم بالأمر و يعزم عليه فيقول له بعض الناس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يفعل ذلك و لم يأمر


[1] -سورة الأعراف: الآية 199.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست