responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الصدق، أو، الطريق السالمة نویسنده : أبو سعيد الخراز البغدادي، أحمد بن عيسى    جلد : 1  صفحه : 57

عنه، قرحة في حلقه، فقال اخنق‌[1] خنقك، فوعزتك إني أحبك».

و كان علي بن سهل المدائني، رحمه اللّه، يقوم إذا هدأت العيون، فينادي بصوت له محزون: «يا من اشتغلت قلوب خلقه عنه بما يعقبهم عند لقائه ندما، و يا من سهت قلوب عباده عن الاشتياق إليه، إذ كانت أياديه إليهم قبل معرفتهم به» ثم يبكي حتى تبكي لبكائه جيرته، ثم ينادي: «ليت شعري سيدي إلى متى تحبسني! ابعثني سيدي إلى حسن وعدك، و أنت العليم أن الشوق قد برح بي، و طال علي الانتظار» ثم يخر مغشيا عليه، فلا يزال كذلك حتى يحرك لصلاة الصبح.

و كان الحارث بن‌[2] عمير، رحمه اللّه، يقول إذا أصبح: أصبحت و نفسي و قلبي مصر على حبك سيدي، و مشتاق إلى لقائك! فعجل بذلك قبل أن يأتيني سواد الليل، فإذا أمسى قال مثل ذلك، فلم يزل على مثل هذا الحال ستين سنة.

فالمشتاق إلى اللّه، تعالى: هو المتبرم‌[3] بالدنيا و البقاء فيها، و هو محب للموت و انقضاء المدة و الأجل.

و من علامته التوحش‌[4] من الخلق، و لزوم العزلة و الانفراد بالوحدة، و من شأنه: القلق، و الحنين؛ و الحزن، و النحيب‌[5]، و الكمد[6]، و الغصة[7] المنكسرة في الصدر بشدة الشغف و الكلف‌[8] و الهذيان‌[9] بذكر المحبوب، و الارتياح إليه، و الفكرة الصافية بهيجان الهمة، و جولان الروح في الغيوب، لطلب اللقاء و البهت‌[10]، و الدهش، و الحيرة، عند توهم الظفر بالأمل من المأمول، و نسيان حظه من الدنيا


[1] - خنقه خنقا: عصر حلقه و كتم أنفاسه حتى مات.

[2] - الحارث بن عمير( توفي 8 ه- 629 م).

الحارث بن عمير الأزدي اللهبي. صحابي، بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إلى ملك بصرى بكتابه، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فأوثقه رباطا و ضرب عنقه صبرا، و لم يقتل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم رسول غيره. و على أثر مقتله كانت غزوة مؤتة.

الأعلام 2/ 156، 157، و الإصابة 1/ 286.

[3] - تبرّم به: تضجّر منه و سئمه.

[4] - توحش الرجل: صار كالوحش.

[5] - النحيب: رفع الصوت بالبكاء.

[6] - الكمد: الحزن المكتوم، و الحزن الشديد.

[7] - الغصّة: ما اعترض في الحلق من طعام أو شراب( ج) غصص.

[8] - كلف الشي‌ء و به: أحبه و أولع به.

[9] - الهذيان: اضطراب عقلي مؤقت يتميز باختلاط أحوال الوعي.

[10] - البهت: الانقطاع و الحيرة.

نام کتاب : الصدق، أو، الطريق السالمة نویسنده : أبو سعيد الخراز البغدادي، أحمد بن عيسى    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست