[1] - قال العروسى: هذه القصة تشير إلى أن العبرة بما
سبق من العناية، و إن ظهر خلاف طريق الهداية، لتحقق فائد الرجاء و الأمل، لكل من
عمل و من لم يعمل، و ذلك بواسطة فيوضات الكرم، من خزائن ولى النعم- و مع هذا فعلى
المكلف دوام الأمتثال، و تفويض القبول لرب الأفضال، فلا يغتر الإنسان بكثرة
العبادات، و لا يقنط بكبير المخالفات لثبوت الجهل بما علمه العليم مما قضاه بحكمه
القديم، فيلزم أن يكون عمله بين الرجاء و الخوف، و لا يضيع وقته ما بين عسى و سوف،
حيث ذلك من علامة الخذلان، القائد إلى دركات النيران، هذا ما تحرر فى أحكام
الشريعة، و المعول عليه فى أصول الحقيقة.
[2] - الملامتية: هم الذين يسترون صلاحهم بأمور
تتداولها العوام ليست بمخالفات و لا معاص مبالغة فى الخفاء عن الشهرة؛ و يعقب
الإمام العروسى على هذا المذهب بقوله:« و لكن طريق الاتباع أكمل، و اللّه سبحانه
بعبادة أعلم» و قد أفرد السهروردى فصلا فى عوارفه لبيان أحوالهم و الحديث عنهم.
و من كلامه:« لا يجزع من المصيبة
إلا من اتهم ربه»،« لا أحد أدون ممن يتزين إلى دار فانية، و يتذلل إلى من لا يملك
له ضرا و لا نفعا»،« إنما كان كلام السلف أنفع من كلامنا لأنهم تكلموا لعز
الإسلام، و نجاة النفوس، و رضا الرحمن، و نحن نتكلم لعز النفوس، و طلب الدنيا، و
رضا الخلق»،( إذا اجتمع إبليس و جنوده لم يفرحوا كفرحهم بثلاثة: مؤمن قتل مؤمنا، و
رجل يموت كافرا، و قلب فيه خوف الفقر)،( إذا استطعت أن تصبح مفوضا لا مدبرا
فافعل)،( من شغله طلب الدنيا عن الآخره؛ ذل فى الدنيا و الآخرة).
مات رحمه اللّه سنة إحدى و سبعين
و مائتين، و دفن بنيسابور، و قد أسند الحديث عن جماعة من الأعيان، و روى عنه
آخرون.