responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم    جلد : 1  صفحه : 149

و الستر للعوام عقوبة، و للخواص رحمة، إذ لو لا أنه يستر عليهم‌[1] ما يكاشفهم به، لتلاشوا عند سلطان الحقيقة: و لكنه كما يظهر لهم، يستر عليهم.

سمعت منصور المغربى يقول:

وافى بعض الفقراء حيا من أحياء العرب، فأضافه شاب؛ فبينا الشاب فى خدمة هذا الفقير إذ غشى عليه، فسأل الفقير عن حاله، فقالوا:

له بنت عم، و قد علقها[2]، فمشت فى خيمتها، فرأى الشاب غبار ذيلها، فغشى عليه.

فمضى الفقير إلى باب الخيمة، و قال:

إن للغريب فيكم حرمة و ذماما، و قد جئت مستشفعا إليك فى أمر هذا الشاب، فتعطفى عليه فيما هو به من هواك.

فقالت: سبحان اللّه، أنت سليم القلب، إنه لا يطيق شهود غبار ذيلى، فكيف يطيق صحبى.؟!

و عوام هذه الطائفة عيشهم فى التجلى، و بلاؤهم فى الستر.

و أما الخواص، فهم بين طيش و عيش‌[3]؛ لأنهم إذا تجلى لهم طاشوا، و إذا ستر عليهم ردوا إلى الحظ فعاشوا.

و قيل: إنما قال الحق تعالى لموسى 7: «و ما تلك بيمينك يا موسى»، ليستر عليه ببعض ما يعلله‌[4] به بعض ما أثر فيه من المكاشفة بفجأة السماع.

و قال صلى اللّه عليه و سلم: «إنه ليغان‌[5] على قلبى حتى أستغفر اللّه فى اليوم سبعين مرة».

الاستغفار: طلب الستر، لأن الغفر: هو الستر، و منه غفر الثوب، و المغفر، و غيره‌

فكأنه أخبر أنه يطلب الستر على قلبه عند سطوات الحقيقة؛ إذ الخلق لابقاء لهم مع وجود الحق. و فى الخبر: «لو كشف‌[6] عن وجهه‌[7] لأحرقت سبحات‌[8] وجهه ما أدرك بصره»[9].


[1] - بمعنى عنهم.

[2] - تعلق قلبه بها.

[3] - بين سكر و صحو.

[4] - يلاطفه.

[5] - ليغطى.

[6] - أى للعبد.

[7] - أى وجه اللّه.

[8] - أى أنوار عظمة اللّه و جلاله.

[9] - أى أن العبد- كما قال الشيخ زكريا الأنصارى- لا يطيق رؤية الحق تعالى و لا كمال جلاله؛ و إنما يكشف لكل عبد من رؤيته فى الدنيا ما تقوى عليه بصيرته و ليس المراد بقولهم« المكاشفة» و« المشاهدة» و نحوهما من الألفاظ: معاينة الذات حقيقة، فان ذلك لا يقع فى الدنيا و لا فى الآخرة على الوجه المعهود.

نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست