هذا محو و إثبات بشرط العبودية.
و أما حقيقة المحو و الإثبات، فصادران عن القدرة: فالمحو: ما ستره الحق و نفاده، و الإثبات ما أظهره الحق و أبداه.
و المحو و الإثبات مقصوران على المشيئة، قال اللّه تعالى: «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ».
قيل: يمحو عن قلوب العارفين ذكر غير اللّه تعالى، و يثبت على ألسنة المريدين ذكر اللّه، و محو الحق لكل أحد و إثباته على ما يليق بحاله.
و من محاه الحق سبحانه عن مشاهدة[1]، أثبته[2] بحق حقه[3].
و من محاه الحق عن إثباته به رده إلى شهود الأغيار؛ و أثبته فى أودية التفرقة.
و قال رجل للشبلى رحمه اللّه:
ما لى أراك قلقا، أليس هو معك، و أنت معه؟
فقال الشبلى:
لو كنت أنا معه كنت أنا، و لكنى محو فيما هو.
و المحق فوق المحو؛ لأن المحو يبقى أثرا، و المحق لا يبقى أثرا.
و غاية همة القوم أن بمحقهم الحق عن شاهدهم، ثم لا يردهم إليهم بعد ما محقهم عنهم.
الستر و التجلى
العوام[4] فى غطاء الستر[5]، و الخواص فى دوام التجلى.
و فى الخبر: «إن اللّه إذا تجلى لشئ خشع له».
فصاحب الستر، بوصف شهوده، و صاحب التجلى أبدا، بنعت خشوعه.
[1] - أى مشاهدته لنفسه و أفعاله.
[2] - حققه.
[3] - أى جعل حاله الوجود بواسطة فنائه عن فنائه. بحق الحقيقة: أى بغلبة مشاهدة أنوار الحقيقة فيتم له الوجود بها
[4] - أى من الصوفية.
[5] - بأن يخفى اللّه عنهم أحوالهم. ليدوموا على جدهم و اجهادهم فى عباداتهم.