و يقال: كتب يحيى بن معاذ إلى أبى يزيد البسطامى:
«هاهنا من شرب من كأس[1] المحبة لم يظمأ بعده».
فكتب إليه أبو يزيد:
عجبت من ضعف حالك .. هاهنا من يحتسى بحار الكون و هو فاغر فاه يستزيد.
و اعلم أن كاسات القرب تبدو من الغيب، و لا تدار إلا على أسرار معتقة، و أرواح عن زقق الأشياء محررة.
و من ذلك:
المحو و الاثبات
المحو: رفع أوصاف العادة.
و الإثبات: إقامة أحكام العبادة.
فمن نفى عن أحواله الخصال الذميمة، و أتى بدلها بالأفعال و الأحوال الحميدة، فهو صاحب محو و إثبات.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول: قال بعض المشايخ لواحد:
إيش تمحو؟ و إيش تثبت؟
فسكت الرجل!!
فقال: أما علمت أن الوقت محو و إثبات، إذ من لا محو له، و لا إثبات، فهو معطل، مهمل.
و ينقسم إلى محو الزلة عن الظواهر، و محو الغفلة عن الضمائر، و محو العلة عن السرائر، ففى محو الزلة: إثبات المعاملات؛ و فى محو الغفلة: إثبات المنازلات.
و فى محو العلة إثبات المواصلات.
[1] - و فى نسخة. من شرب كأسا من الحبة.