الذوق و الشرب
و من جملة ما يجرى فى كلامهم: الذوق، و الشرب.
و يعبرون بذلك عما يجدونه من ثمرات التجلى، و نتائج الكشوفات، و بواده الواردات.
و أول ذلك: الذوق، ثم الشرب، ثم الرىّ.
فصفاء معاملاتهم يوجب لهم ذوق المعانى.
و وفاء منازلاتهم يوجب لهم الشرب.
و دوام مواصلاتهم يقتضى لهم الرىّ.
فصاحب الذوق متساكر[1]، و صاحب الشرب سكران، و صاحب الرىّ صاح.
و من قوى حبه تسرمد[2] شربه، فاذا دامت به تلك الصفة لم يورثه الشرب سكرا، فكان صاحيا بالحق، فانيا عن كل حظ، لم يتأثر بما يرد عليه، و لا يتغير عما هو به.
و من صفا سره، لم يتكدر عليه الشرب. و من صار الشرب له غذاء لم يصبر عنه، و لم يبق بدونه.
و أنشدوا:
و إنما الكأس رضاع بيننا
فاذا لم نذقها لم نعش
عجبت لمن يقول ذكرت ربى
فهل انسى فأذكر ما نسيت؟
شربت الحب كأسا بعد كأس
فما نفد الشراب و لا رويت
[1] - و هو من بقى فيه بقية شعور بماله من الأحوال.
[2] - دام.