responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 171

لو وضع في ظني على السماء لانفطرت، و على النجوم لانكدرت،؛ و على الجبال لسيرت، هذا ذوقي للمحبة، لكن قواني الحق فيها قوة من ورثته، و هو رأس المحبين صلى اللّه عليه و سلم، إني رأيت في نفسي من العجائب ما لا يبلغه وصف واصف، و الحب على قدر التجلي، و التجلي على قدر المعرفة، و كل من ذاب فيها و ظهرت عليه أحكامها، فتلك المحبة الطبيعية، و محبة العارفين لا أثر لها في الشاهد، فإن المعرفة تمحو آثارها، لسر تعطيه لا يعرفه إلا العارفون، مؤيد باسمه القدوس، عن تأثير الكلام المحسوس، برهان ذلك، هذا الذي ذاب حتى صار ماء، لو لم يكن ذا حب ما كان هذا حاله، فقد كان محبا و لم يذب حتى سمع كلام الشيخ، فثار كامن حبه، فكان منه ما كان، فحب لا حكم له في المحب حتى يثيره كلام متكلم، حب طبيعي، لأن الطبيعة هي التي تقبل الاستحالة و الإثارة، إذ قد كان موصوفا بالحب قبل كلام الشيخ، و لم يذب هذا الذوبان الذي صيره ماء بعد ما كان عظما و لحما و عصبا، فلو كان إلهي الحب، ما أثرت فيه كلمات الحروف، و لا هزت روحانيته هذه الظروف، فاستحيي من دعواه الحب، و قام في قلبه نار الحياء، فما زال يحلله إلى أن صار كما حكى، فلا يلحق التغيير في الأعيان، و الانتقال في أطوار الأكوان، إلا صاحب الحب الطبيعي، و هذا هو الفرقان بين الحب الإلهي و بين الحب الطبيعي، و الحب الروحاني وسط بين الإلهي و الطبيعي، فبما هو إلهي يبقى عينه، و بما هو طبيعي يتغير الحال عليه و لا يفنيه، فالفناء أبدا من جهة الطبيعة، و بقاء العين من جانب الحب الإلهي، جبريل لما كان حبه روحانيا، و هو روح، و له وجه إلى الطبيعة من حيث جسميته، لأن الأجسام الطبيعية الخارجة عن العناصر لا تستحيل، بخلاف الأجسام العنصرية، فإنها تستحيل لأنها عن أصول مستحيلة، و الطبيعة لا تستحيل في نفسها، لأن الحقائق لا تنقلب أعيانها، فغشي على جبريل، و لم يذب عين جوهر جسمه، كما ذاب صاحب الحكاية، فغشي عليه من حيث ما فيه من حب الطبيعة، و بقى العين من حيث حبه الإلهي، فالمحب الإلهي روح بلا جسم، و المحب الطبيعي جسم بلا روح، و المحب الروحاني ذو جسم و روح، فليس للمحب الطبيعي العنصري روح يحفظه من الاستحالة، فلهذا يؤثر الكلام في المحبة في المحب الطبيعي، و لا يؤثر في المحب بالحب الإلهي، و يؤثر بعض تأثير في المحب بالحب الروحاني. (ف ح 2/ 346)

و لنا من الرموز العلوية و من الإشارات الغزلية، و فيه تنبيه على قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‌ و كون الحق ما ذكر في القرآن من الأسماء

نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست