نام کتاب : رسائل شيخ اشراق نویسنده : شيخ اشراق جلد : 4 صفحه : 96
تَرانِي»[1]، لأنّ هذا جبل حائل دائم
التّحرك، شاغل للنّفس. فلمّا تعدّى السّانح القدسيّ إلى معدن[2]
التّخيّل قهره، كما قال تعالى: «فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ
دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً»[3] انقطع[4]
سلطان البشريّة بظهور نور[5] الحقيقة، فاصطلمت النفس، و
فنيت عن مشاهدة الكثرة بنور القيّوميّة. و للعلماء المتألهين أسرار في كيفيّة[6]
تخلّص النفس إلى عالم[7] الحقّ، أشرنا إليها في «حكمة
الإشراق».
(99) اللّهمّ يا قيّام الوجود، و فائض الجود، منزل البركات، و غاية
الحركات، منتهى الرّغبات، و نهاية الطلبات، نور النّور، و مدبّر الأمور، واهب حياة
العالمين، أيّدنا بنورك، و وفّقنا لمرضاتك، و ألهمنا برشدك، و طهّرنا من رجس
الظلمات، و خلّصنا من غسق الطبيعة إلى مشاهدة أنوارك و معاينة أضوائك و مجاورة
مقرّبيك و مرافقة سكّان ملكوتك، و احشرنا «مَعَ الَّذِينَ» أنعمت «عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ
الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً»[8] (100) و اعلم[9]، إنّه يجب
على المستبصر دوام الفكر في العوالم و أسرار الوجود و النّظام المتقن[10] في السّماوات و الأرض، كما شهد به
مثنى في قوله: «وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا
ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ»[11] أي ليس صادرا عن إرادة جزافيّة أقدمت عليه في الابتداء جزافا، أو
يقتضي بطلانه بعد حصوله[12]. ليس جوده
أبتر و لا ناقصا و لا منقطع الطّرفين. و يثنى هذه الآية من حيث لزوم الفكر قوله: «أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ»[13] إشارة إلى تعميم الفكر [في كلّ ما خلقه الله][14].
و «النّظر» إذا قرن بلفظة «في» يراد به الفكر. و ملكوت الأشياء روحانيّاتها لا
قشورها الجسمانيّة. و إذا تلطّفت الفكرة في الأمور الرّوحانية توالت البارقات
الإلهيّة