نام کتاب : رسائل شيخ اشراق نویسنده : شيخ اشراق جلد : 4 صفحه : 240
فصل أيضا- [في سبب الاطلاع على المغيبات]
(148) مشاهدة الصور أيضا ممكن: فإنّ الحس المشترك انفعل عنه التخيّل،
فيجوز أن ينفعل هو عن التخيل على ما يجري بين المرايا المتقابلة. و الصارف عن
الانتقاش عقليّ باطن يستعمل المتخيلة، و حسيّ ظاهر يشغل الحسّ المشترك كما في
النّوم- و النّوم انحباس الرّوح عن الظاهر في الباطن- فإذا فتر أحد الشاغلين-
الحسيّ و العقليّ-، كما في بعض الأمراض المخلّة بالأعضاء الرئيسة الجاذبة للنفس،
فإنّ النفس إذا انجذبت إلى قوّة شغلت عن الأخرى و القوى متجاذبة متنازعة، فعند
الفتور في إحدى الحالتين تتسلّط المتخيّلة على الحسّ المشترك و تلوّح فيه الصّور.
و بيّن لك أنّ ما في الحس المشترك يرى مشاهدة. و الممرورين و المصروعين يرون صورا
لو غمضوا أيضا تبقى الرؤية و لا تنتسب إلى أمر خارجي، فهو من سبب باطن. و من هذا
[يرى] الجن و غيرهم.
و قد يرى هذه الأشياء من غلب عليه الخوف لما قلنا. و لمّا كانت
المتخيلة دائمة الانتقال من شيء إلى ضدّه أو شبيهه أو مناسبه- كيف ما كان- و
تحاكي الهيئات المزاجية و لو لا انتقالها طبعا ما كان لنا اقتناص الحدود الوسطى؛
فالمعنى الغيبى إذا انتقش بها النفس، قد ينطوي سريعا و لا يبقى له أثر؛ و قد يتعدى
إلى الذكر؛ و قد يتعدى إلى عالم التخيّل فقد يضبطه الخيال. و قد ينتقل المتخيّلة
منه إلى غيره فيحتاج إلى تحليل بالعكس، فيعبّر إن كان مناما، و يؤوّل إن كان وحيا.
ثم ما تشاهد النفس من الأمور الغيبية قد تشرق على الخيال فيستولي على الحس المشترك
فيرى صورا لا أحسن منها و كلاما لا أفصح منه و خطابا لا أنظم منه و نغمات لا ألذّ
منها كل ذلك في محاكات عمّا قبلت النفس.
(149) و أنت إذا واظبت على التفكّر في العالم القدسي، و صمت عن
المطاعم و لذّات الحواسّ إلّا عند حاجة، و صلّيت بالليالي، و لطّفت سرّك بتخيّل
أمور مناسبة للقدس، و ناجيت الملأ الأعلى متملّقا، و قرأت الوحي الإلهي كثيرا، و
طربت نفسك أحيانا تطريبا، و عبدت ربّك تعظيما، و رهّبت قواك ترهيبا، ربما تخطف
عليك أنوار- مثل البرق- لذيذة و تتكثّر فتتابع، و قد تثبت فتسلبك عن مشاهدة
الأجرام «يكاد سنا برقه يذهب بالابصار»[1]
و