نام کتاب : رسائل شيخ اشراق نویسنده : شيخ اشراق جلد : 4 صفحه : 199
اللمحة الخامسة- [في الآثار العلوية]
(78) هي أنّ كل حادث من الحركات في الهواء و الانفعالات سببها
الطبيعي ليس نفسه و إلّا دام بدوامه، و الجرم علمت أنّه لا يقتضي الحركة بطبعه، و
الأفلاك لا يتزاحم[1] ما تحتها
في الأمكنة فلا يدفعها، فإذا تلك الحركات ليست إلّا لما يصعد من الأرض و لا يصعد
شيء منها معتبر[2] إلّا
بالحرارة فما من الرطب يسمى «بخارا»، و ما من اليابس يسمى «دخانا»، و مرقى[3] الدخان أعلى ليبسه و خفّته، فإذا
انتهى البخار إلى الطبقة الباردة فيضربه[4]
البرد ينعقد سحابا و ينزل مطرا و إن كان عليه البرد الشديد قبل تشكّل قطرات المطر
ينزل كالقطن المحلوج و هو الثلج، و إن كان بعد ذلك فينجمد و يضر به حرّكما في
الربيع و الخريف فينحصر البرد في الباطن فيكون بردا و ينمحق زواياه بالحركة.
و ما كثف من البخار غير مرتقى كثيرا كان منه الظل و الضباب و نحوهما
و البخار كلّما كان ألطف بالحرارة كان أقبل لتأثير[5]
البارد، و لهذا يسخن الماء في البلاد الحارة قبل التبريد، و يشاهد مثل هذه الأشياء
في الحمام. و انعقاد الأبخرة بأقلّ برد عند فتح باب حتى يصير مظلما ثم يتقاطر
القطرات، و مما يتكاثف من نفس الخارج من الحمام في الشتاء و غير ذلك.
و صقالة الهواء و الغيم الرقيق أيضا من هذه الأبخرة حتى يصير كمرآة
للنيّرات فيحصل بمقابلة النيّر هالة و قوس قزح و نحوها، و الدخان ما يرتقي أعلى
مرتقاة اشتعل[6] فيه
النار كان منه ذوات الأذناب، و إذا شفّ غاب عن الحس فظنّ انطفاؤه. و ما يستجمر أو
يستفحم كان منه علامات جمر و سود في الهواء.
و الدخان قد يدفعه النار الدائرة بموافقة الفلك لشوق مكانها كما برّد
بعضها دائرة سهام أو يبرد شديدا قبل الانتهاء إلى كرة النار فيرجع فيتحامل على
الهواء فحرّكه بقوة فيكون ريحا؛ و قد يحصل من تقاوم ريحين مختلفين الزابعة[7] الدوّارة؛ و قد يكون لتصادم الريح
فيما بين غمامتين. و قد يدور[8] غيما
فيرى في الهواء كشيء[9] دائر.