وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ فَذَلِّلْ لِي صُعُوبَتَهَا وَ حِزَانَهَا وَ اكْفِنِي شَرَّهَا فَإِنَّكَ الْكَافِي الْمُعَافِي وَ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ عَادَ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ مِنْ أَثْمَانِهَا قَدْ حَمَلَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ع لَهُ إِنَّهَا لَمَّا صِرْتَ إِلَيْهَا جَاءَتْكَ لَائِذَةً خَاضِعَةً ذَلِيلَةً فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِيهَا وَاحِداً فَوَاحِداً قَالَ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنَّكَ كُنْتَ حَاضِراً مَعِي فَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ امْضِ رَاشِداً بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ فَبُورِكَ لِلرَّجُلِ فِي مَالِهِ حَتَّى ضَاقَ عَلَيْهِ رِحَابُ بَلَدِهِ.
وَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ لَمَّا أَرْسَلَ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً ع إِلَى مَدِينَةِ عَمَّانَ فِي قِتَالِ الْجُلُنْدَى بْنِ كِرْكِرَةَ وَ جَرَى بَيْنَهُمَا حَرْبٌ عَظِيمٌ وَ ضَرْبٌ وَجِيعٌ دَعَا الْجُلُنْدَى بِغُلَامٍ يُقَالُ لَهُ الْكِنْدِيُّ وَ قَالَ لَهُ إِنْ أَنْتَ خَرَجْتَ إِلَى صَاحِبِ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ وَ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ فَتَأْخُذَهُ أَسِيراً وَ تَطْرَحَهُ مُجَدَّلًا عَفِيراً أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي الَّتِي لَمْ أُنْعِمْ لِأَوْلَادِ الْمُلُوكِ بِزَوَاجِهَا فَرَكِبَ الْكِنْدِيُّ الْفِيلَ الْأَبْيَضَ وَ كَانَ مَعَ الْجُلُنْدَى ثَلَاثُونَ فِيلًا وَ حَمَلَ بِالْأَفْيِلَةِ وَ الْعَسْكَرِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا نَظَرَ الْإِمَامُ ع إِلَيْهِ نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ فَأَشْرَقَتِ الْفَلَاةُ طُولًا وَ عَرْضاً ثُمَّ رَكِبَ وَ دَنَا مِنَ الْأَفْيِلَةِ وَ جَعَلَ يُكَلِّمُهَا بِكَلَامٍ لَا يَفْهَمُهُ الْآدَمِيُّونَ وَ إِذَا بِتِسْعَةٍ وَ عِشْرِينَ فِيلًا قَدْ دَارَتْ رُءُوسُهَا وَ حَمَلَتْ عَلَى عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ وَ جَعَلَتْ تَضْرِبُ فِيهِمْ يَمِيناً وَ شِمَالًا حَتَّى أَوْصَلَتْهُمْ إِلَى بَابِ عَمَّانَ ثُمَّ رَجَعَتْ وَ هِيَ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يَسْمَعُهُ النَّاسُ يَا عَلِيُّ كُلُّنَا نَعْرِفُ مُحَمَّداً وَ نُؤْمِنُ بِرَبِّ مُحَمَّدٍ إِلَّا هَذَا الْفِيلَ الْأَبْيَضَ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ مُحَمَّداً وَ لَا آلَ مُحَمَّدٍ فَزَعَقَ الْإِمَامُ زَعْقَتَهُ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْغَضَبِ الْمَشْهُورَةِ فَارْتَعَدَ الْفِيلُ وَ وَقَفَ فَضَرَبَهُ الْإِمَامُ بِذِي الْفَقَارِ ضَرْبَةً رَمَى رَأْسَهُ عَنْ بَدَنِهِ فَوَقَعَ الْفِيلُ إِلَى الْأَرْضِ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ وَ أَخَذَ الْكِنْدِيَّ مِنْ ظَهْرِهِ فَأَخْبَرَ جَبْرَئِيلُ النَّبِيَّ ص فَارْتَقَى عَلَى السُّورِ فَنَادَى- أَبَا الْحَسَنِ هَبْهُ لِي فَهُوَ أَسِيرُكَ فَأَطْلَقَ عَلِيٌّ سَبِيلَ الْكِنْدِيِّ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى إِطْلَاقِي قَالَ وَيْلَكَ مُدَّ نَظَرَكَ فَمَدَّ عَيْنَيْهِ فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْ بَصَرِهِ فَنَظَرَ النَّبِيَّ عَلَى سُورِ الْمَدِينَةِ وَ صَحَابَتِهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ كَمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ قَالَ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ رَبَّكُمْ رَبٌّ عَظِيمٌ وَ نَبِيَّكُمْ نَبِيٌّ كَرِيمٌ مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ قَتَلَ عَلِيٌّ الْجُلُنْدَى وَ غَرَّقَ فِي الْبَحْرِ مِنْهُمْ خَلْقاً كَثِيراً وَ قَتَلَ مِنْهُمْ كَذَلِكَ وَ أَسْلَمَ الْبَاقُونَ وَ سَلَّمَ الْحِصْنَ إِلَى الْكِنْدِيِّ وَ زَوَّجَهُ بِابْنَةِ