فَأَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ مَعَهُ أَسِيرَانِ وَ رَأْسٌ وَ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَ ثَلَاثَةُ أَفْرَاسٍ وَ قَالَ لَمَّا سِرْتُ فِي الْوَادِي رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ رُكْبَاناً عَلَى الْأَبَاعِرِ فَنَادَوْنِي مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَشَدَّ عَلَيَّ هَذَا الْمَقْتُولُ وَ دَارَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ ضَرَبَاتٌ وَ هَبَّتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنْتَ تَقُولُ قُطِعَتْ لَكَ جُرُبَّانُ دِرْعِهِ فَضَرَبْتُهُ فَلَمْ أَجْفُهُ[1] ثُمَّ هَبَّتْ رِيحٌ صَفْرَاءُ فَسَمِعْتُ صَوْتَكَ فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَلَّبْتُ لَكَ الدِّرْعَ عَنْ فَخِذِهِ فَضَرَبْتُهُ وَ وَكَزْتُهُ فَقَالَ الرَّجُلَانِ صَاحِبُنَا هَذَا يُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ فَلَا تُعَجِّلْ عَلَيْنَا وَ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّداً رَفِيقٌ شَفِيقٌ رَحِيمُ فَاحْمِلْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَمَّا الصَّوْتُ الْأَوَّلُ فَصَوْتُ جَبْرَئِيلَ وَ الْآخَرُ فَصَوْتُ مِيكَائِيلَ فَعَرَضَ النَّبِيُّ ع عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ فَأَبَيَا فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ وَ قَالَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنُ الْخُلْقِ سَخِيٌّ فِي قَوْمِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ يَا عَلِيُّ أَمْسِكْ فَإِنَّ هَذَا رَسُولُ رَبِّي يُخْبِرُنِي أَنَّهُ حَسَنُ الْخُلُقِ سَخِيٌّ فِي قَوْمِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ اللَّهِ مَا مَلَكْتُ دِرْهَماً مَعَ أَخٍ لِي قَطُّ وَ لَا قَطَبْتُ وَجْهِي فِي الْحَرْبِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
وَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْبَغِ أَنَّ عَلِيّاً ع مَضَى مِنَ الْمَدِينَةِ وَحْدَهُ فَأَتَى عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ فَرُئِيَ النَّبِيُّ ص يَبْكِي وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ رُدَّ إِلَيَّ عَلِيّاً قُرَّةَ عَيْنِي وَ قُوَّةَ رُكْنِي وَ ابْنَ عَمِّي وَ مُفَرِّجَ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِي- ثُمَّ ضَمِنَ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَتَى بِخَبَرِ عَلِيٍّ فَرَكِبَ النَّاسُ فِي كُلِّ طَرِيقٍ فَوَجَدَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ فَبَشَّرَ النَّبِيَّ بِقُدُومِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ فَمَا زَالَ يُفَتِّشُ عَنْ يَمِينِ عَلِيٍّ وَ عَنْ يَسَارِهِ وَ عَنْ بَدَنِهِ وَ عَنْ رَأْسِهِ فَقُلْتُ تُفَتِّشُ عَلِيّاً كَأَنَّهُ كَانَ فِي الْحَرْبِ فَأَخْبَرَنِي عَنْ جَبْرَئِيلَ أَنَّ أَقْوَاماً مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَقْصِدُونَكَ مِنَ الشَّامِ فَأَخْرِجْ إِلَيْهِمْ عَلِيّاً وَحْدَهُ فَخَرَجَ مَعَهُ جَبْرَئِيلُ ع فِي أَلْفِ مَلَكٍ وَ مِيكَائِيلُ فِي أَلْفِ مَلَكٍ وَ رَأَيْتُ مَلَكَ الْمَوْتِ يُقَاتِلُ دُونَ عَلِيٍّ.
أَرْبَعِينِ الْخَطِيبِ وَ شَرْحِ ابْنِ الْفَيَّاضِ وَ أَخْبَارِ أَبِي رَافِعٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ دَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ مَرِيضٌ فَإِذَا رَأْسُهُ فِي حَجْرِ رَجُلٍ أَحْسَنِ الْخُلُقِ وَ النَّبِيُّ ع نَائِمٌ فَقَالَ الرَّجُلُ ادْنُ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ
[1] جربان القميص: طوقه. و جفا الرجل: صرعه. و اجفى الماشية: اتعبها.
و الوكز: الطعن و الدفع.